قلت: ذكر في الذخيرة عن الجواهر أن من الآداب أن يجتنب الموضع الصلب احترازا من الرشاش وأطلق في ذلك، ولا شك أنه يخشى من تطاير البول فيه مطلقا، سواء كان طاهرا أو نجسا فينبغي تجنبه. ولكني لم أقف على ما ذكره عن الجواهر فيها إثر كلامه المتقدم وإن كان نجسا صلبا تجنبه وعدل إلى غيره. وفي العمدة والارشاد لأبي عسكر أن من الآداب أن يطلب موضعا رخوا. قال شراحه: لا صلبا. وصرح بذلك ابن معلى في منسكه فقال: واتقاء الأرض الصلبة.
تنبيهان: الأول: قد تقدم في كلام ابن بشير أنه إذا كان الموضع صلبا طاهرا فليس إلا الجلوس. وقال الباجي: إن كان موضعا طاهرا صلبا يخاف أن يتطاير منه البول إذا بال قائما، فحكم ذلك الموضع أن يبول البائل فيه جالسا لان طهارته تبيح الجلوس، وصلابة الأرض تمنع الوقوف لئلا يتطاير عليه من البول ما ينجس ثيابه. قال في التوضيح: وإن كان صلبا طاهرا تعين الجلوس. ونحوه في الشامل، وتقدم في كلام ابن عرفة أن جلوسه لازم. ونقله عنه ابن ناجي وقبله. وظاهر كلامهم أن الجلوس واجب، وظاهر كلام المدونة أن القيام مكروه لأنه قال إثر كلامه: وأكرهه بموضع يتطاير فيه. قال أبو الحسن في الأمهات: في موضع صلب يتطاير فيه.
ثم قال: بعد أن ذكر التقسيم المتقدم: وقد ذكر الباجي هذا التقسيم بعينه. وانظر الكراهة هل هي على المنع أو على بابها تجري على التفصيل المتقدم؟ انتهى. وحملها على المنع ظاهر إلا أن يأمن تطاير البول بأن يكون مرتفعا عن محله أو لا يكون عليه ثياب ويريد أن يغتسل فتأمله والله أعلم. وهذه المسألة لا يفهم من كلام المصنف حكمها إلا ما تقدم من استحباب تجنبه، وأما إذا لم يتجنبه وأراد قضاء الحاجة فيه، هل يقوم أو يجلس؟ لا يفهم من كلامه شئ على ما حملنا عليه كلامه من أنه خاص بالرخو. وأما إذا بقي كلامه على عمومه فيفهم منه عكس المراد، وأن الجلوس حينئذ مستحب أيضا والقيام جائز وليس كذلك فتأمله والله تعالى أعلم.
والثاني: قول المصنف لقاضي الحاجة شامل للبول والغائط لكن قال في توضيحه في شرح قول ابن الحاجب: ولا بأس بالقيام إذا كان المكان رخوا: إنه مقيد بالبول قال: لان الغائط لا يجوز إلا جالسا انتهى. وقال ابن ناجي في شرح المدونة: وأما الغائط فلا يجوز إلا جالسا على كل حال. صرح بعدم الجواز خليل والأقرب أنه مكروه فقط انتهى. ص: (واعتماد على رجل واستنجاء بيد يسيريين) ش: عد في المدخل في الآداب أن يقيم عرقوب رجله اليمنى