مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٢١٧
رشد وقيد به المدونة. وقال سند: قوله في المدونة وإن كان فيها النجاسات يريد وإن كان يعلم أنها لا تنفك عن النجاسات، ولم يرد أن النجاسة عين قائمة فيصيبه من ذلك، أو كان طين مرحاض في موضع وقد اختلطت بطين المطر، وهذا يجب غسله، ولا ضرورة في غسل مثل هذا بخلاف غسل ما يكون من الطين انتهى. وهذا أولى مما حمل عليه ابن هارون كلام ابن أبي زيد وذكره عنه في التوضيح فإنه قال: قال ابن هارون: هذه المسألة على أربعة أوجه:
أحدها: أن يتساوى الاحتمالان في وجود النجاسة وعدمها، فهذا يصلي به على ما قاله في المدونة لترجيح الطهارة بالأصل. الثاني: أن يترجح احتمال وجودها فهذا يصلي به على ما قاله في المدونة ترجيحا للأصل، ويغسله على رأي أبي محمد ترجيحا للغالب. والثالث: أن يتحقق وجودها ولكن لا يظهر لاختلاطها بالطين، فظاهر المدونة أيضا أنه يصلي به ويغسله على رأي أبي محمد وهو أحسن لتحقق النجاسة ونحوه للباجي. الرابع: أن يكون لها عين قائمة فهنا يجب غسلها انتهى. فقول ابن الحاجب وإن كان فيها العذرة يحمل على الصورتين الأوليين، وقوله وفي عين النجاسة قولان يحمل على الثلاثة، وأما الرابعة فلا يعلم فيها خلاف ويبعد وجوده وكذا كان شيخنا يقول: انتهى كلامه في التوضيح.
قلت: فحمل قول أبي محمد: غالبة على معنى أن الغالب وجودها والذي يظهر من كلام المدونة أن فرض المسألة أن وجود النجاسة محقق فالظاهر أن يحمل قول الشيخ أبي محمد ما لم تكن غالبة أي ما لم تكن النجاسة غالبة على الطين أو تكون عينا كما تقدم.
وأشار بقوله: وظاهرها العفو إلى ما نقله أبو الحسن عن ابن بشير أن بعض الشيوخ أبقى المدونة على ظاهرها لكن ذكر بالتوضيح عن ابن بشير أنه يحتمل بقاؤها على ظاهرها إذا تساوت الطرق في وجود ذلك فيها وكان لا يمكن الانفكاك عنه، ثم ذكر عنه ابن عبد السلام أنه لا ينبغي أن يكون خلافا انتهى. وأشار بقوله: ولا إن أصاب عينها إلى أنه لا يعفى عمن أصابته عين النجاسة. قال الباجي: ولو كان في الطين نجاسة فطارت على ثوبه ثم تطاير عليها الطين فأخفى أثرها لوجب غسلها والله تعالى أعلم.
تنبيه: قال البساطي: العفو مشروط بأن يكون ذلك في الطرق التي لا مندوحة عنها حتى قالوا: لو كانت إحدى الطريقين أخف نجاسة من الأخرى لا يعفى عما أصابه من الأكثر نجاسة انتهى. وهذا إنما قالوه فيما إذا كانت النجاسة غالبة أو عينا قائمة كما تقدم، ولم أر من اشترطه مطلقا. وقال أيضا قال بعضهم: هذا الحكم فيما إذا صادف المطر النجاسة وإن طرأت
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»
الفهرست