وإن اختلف الدينان في الصفات، كالصحة، والكسر، والحلول، والتأجيل، أو قدر الاجل، لم يحصل التقاص، لاختلاف الأغراض، ولصاحب الحال أن يستوفيه وينتفع به إلى أن يحل ما عليه، فإن تراضيا على جعل الحال قصاصا عن المؤجل، لم يجز، كما في الحوالة. وحكى أبو الفرج الزاز فيهما وجها. ولو كانا مؤجلين لأجل واحد، فهل هما كالحالين، أم كمؤجلين بأجلين مختلفين؟ وجهان، أرجحهما عند الامام: الأول، وعند البغوي: الثاني. وإن كانا جنسين: دراهم، ودنانير، فلا مقاصة. والطريق: أن يأخذ أحدهما ما على الآخر، ثم إن شاء جعل المأخوذ عوضا عما عليه، فيرده إليه، ولا حاجة إلى قبض العوض الآخر. أما إذا لم يكن الدينان نقدين، فإن كانا جنسا، فالمذهب أنه لا تقاص، وبه قطع جمهور العراقيين، وغيرهم. وقيل: هو على الأقوال. وقيل: إن كانا من ذوات الأمثال، فعلى الأقوال، وإلا، فلا تقاص قطعا وإن كانا جنسين، فلا تقاص قطعا وإن تراضيا، بل إن كانا عرضين، فليقبض كل واحد ما على الآخر، فإن قبض أحدهما، لم يجز رده عوضا عن المستحق للمردود عليه، لأنه بيع عرض قبل القبض، إلا أن يكون ذلك العرض مستحقا بقرض أو إتلاف، لا بعقد. وإن كان أحدهما عرضا، والآخر نقدا، فإن قبض مستحق العرض العرض، ورده عوضا عن النقد المستحق عليه جاز وإن قبض مستحق النقد النقد، ورده عوضا عن العرض المستحق عليه لم يجز، إلا أن يكون العرض مستحقا بقرض أو إتلاف. هكذا ذكر ابن الصباغ والروياني وإذا حصل التقاص بين السيد والمكاتب، وبرئ المكاتب عن النجوم، عتق كما لو أداها.
قلت: فإذا قلنا: لا يتقاصان، ولم يبدأ أحدهما بتسليم ما عليه، حبس حتى يسلما، ذكره صاحب الشامل وغيره. والله أعلم.
الرابعة: إذا أوصى السيد بالمكاتب، صحت الوصية على القديم الذي نصحح بيعه، ولا يصح على الجديد. فعلى هذا لو قال: إن عجز مكاتبي، وعاد