حلف أحدهما، ونكل الآخر، حكم بعتق الحالف، وبقي الآخر، مكاتبا. ولو بين أحدهما، فقال الآخر: تؤتيني بالاقرار الذي اتهمته، ولم يقل: استوفيت مني أو أبرأتني، قال الامام: فالأصح أن دعواه مردودة، لأنه لا يدعي حقا ثابتا، وإنما يدعي إخبارا قد يصدق فيه وقد يكذب، وقد سبق نظير هذا في الدعاوي. ولو مات السيد قبل البيان، فهل يقوم الوارث مقامه في البيان؟ قولان. أحدهما: لا، بل يقرع، فمن خرجت قرعته، فهو حر، وعلى الآخر أداء النجوم، وله تحليف الوارث على نفي العلم. وأظهرهما: يقوم مقامه، ولا قرعة، فإذا بين، فالحكم كما سبق في بيان المورث، إلا أن الوارث يحلف على نفي العلم، فإن قال الوارث: لا أعلم المؤدي، فلكل واحد تحليفه أنه لا يعلمه أدى، فإذا حلف لهما، فوجهان:
أحدهما: يستوفي من كل واحد منهما ما عليه، كما لو أقر بأن أحد غريميه أوفاه دينه، ومات قبل البيان، وحلف الوارث لكل واحد منهما، فإنه يستوفي الدينين جميعا. وحكى ابن الصباغ توقف العتق على أداء كل واحد منهما جميع ما عليه، ثم قال: وعندي أنه إن استوفى المالان، فقالا: نؤدي ما على أحدنا، أو اختلفا، فقالا: نؤدي الأكثر ليعتق، كان لهما ذلك، لأنهما بأدائه قد أديا جميع ما عليهما.
والوجه الثاني وهو الأصح، وبه قال القاضي أبو الطيب: يقرع بينهما، هكذا رتب الجمهور المسألة. وقال الامام والغزالي: لكل واحد من الكاتبين أن يدعي على الوارث توفية النجوم إلى المورث أو إبراءه له، وأن يحلفه على نفي العلم، فإذا حلف هل يقرع؟ قولان. أظهرهما: نعم، فمن خرجت له القرعة، فهو حر، وعلى الآخر أداء النجوم. وإن قلنا: لا يقرع، قال الامام: الذي يقتضيه