المسألة الثانية: قال: لا آكل هذين الرغيفين، أو لا ألبس هذين الثوبين، لم يحنث إلا بأكلهما أو لبسهما سواء لبسهما معا، أو لبس أحدهما ونزعه، ثم لبس الآخر. وكذا لو قال: لا أكلتهما أو لا لبستهما، لم يبر إلا بأكلهما ولبسهما. ولو قال: لا أكلم زيدا وعمرا، ولا آكل اللحم والعنب، لم يحنث إلا إذا أكلهما، أو كلمهما، إلا إذا نوى غير ذلك، لأن الواو العاطفة تجعلهما كشئ واحد، فكأنه قال: لا آكلهما، ولو قال: لا أكلم زيدا ولا عمرا، ولا آكل اللحم ولا العنب، حنث بكل واحد منهما، وهما يمينان تنحل إحداهما بالحنث في الأخرى. فلو قال: لا أكلم أحدهما، أو قال: واحدا منهما، ولم يقصد واحدا منهما بعينه، فيحنث إذا كلم أحدهما، وتنحل اليمين، ولا يحنث بكلام الآخر. قال المتولي:
وكذا في الاثبات إذا قال: لألبسن هذا الثوب الثوب، وهذا فهما يمينان، لوجود حرف العطف، ولكل واحد حكمها، وفي هذا توقف. ولو أوجب حرف العطف كونهما يمينين، لا كما لو قال: لا ألبسهما، لأوجب في قوله: لا أكلم زيدا وعمرا ولا آكل اللحم والعنب كونهما يمينين، لا كما لو قال: لا أكلم هذين ولا آكل هذين.
فرع قال: لا آكل هذا الرغيف، لم يحنث بأكل بعضه. ولو قال:
لآكلنه، لم يبر إلا بأكل جميعه. فلو بقي في الصورة الأولى ما يمكن التقاطه وأكله، لم يحنث، كما لو قال: لا آكل ما على هذا الطبق من التمر، فأكل ما عليه إلا تمرة، لا يحنث وإن جرت العادة بترك بعض الطعام للاحتشام من استيفائه أو لغير ذلك. وكذا لو قال: لآكلن هذه الرمانة، فترك حبة، لم يبر، وإن قال: لا آكلها، فترك حبة، لم يحنث.
المسألة الثالثة: إذا حلف: لا يأكل الرأس أو الرؤوس، أو لا يشتريها، حمل على التي تميز عن الأبدان وتباع مفردة، وهي رؤوس الإبل والبقر والغنم. وفي رؤوس الإبل وجه شاذ عن ابن سريج، فطرده ابن أبي هريرة في البقر والغنم.
وقيل: إن كان في بلد لا تباع فيه إلا رؤوس الغنم، لم يحنث إلا بغيرها، والصحيح الأول، وبه قطع الجمهور، فإن أكل رأس طير، أو حوت، أو ظبي، أو صيد آخر، لم يحنث على المشهور. فإن كانت رؤوس الصيد والحيتان تباع مفردة