فعله، أو لا يجئ منه، كالبناء والتطيين، حنث إذا أمر به. فمنهم من جعل هذا قولا آخر، وأثبت قولين، والمذهب القطع بأنه لا يحنث، والامتناع من جعله قولا، ولو حلف:
لا يزوج، أو لا يطلق، أو لا يعتق، فوكل وعقد الوكيل، فكالتوكيل في البيع. ولو فوض الطلاق إلى زوجته، فطلقت نفسها، لم يحنث على المذهب. وحكي قول أنه يحنث هنا وإن لم يحنث في التوكيل، لأنه فوضه إلى من لا يملكه، وكأنه هو المطلق. فلو قال: إن فعلت كذا، أو إن شئت، فأنت طالق، ففعلت، أو شاءت، حنث، لأن الموجود منها مجرد صفة، وهو المطلق. ولو حلف:
لا يتزوج، أو لا ينكح، فوكل من قبل له نكاح امرأة، فهل يحنث؟ وجهان حكاهما المتولي. أحدهما: لا، كالبيع، وبه قطع الصيدلاني، والغزالي. والثاني:
نعم، لأن الوكيل هنا سفير محض، ولهذا يجب تسمية الموكل، وبه قطع البغوي. ولو قبل لغيره نكاحا، فمقتضى الوجه الأول الحنث، ومقتضى الثاني المنع. ولو حلف: لا يبيع ولا يشتري، فتوكل لغيره فيهما، حنث على الأصح، وهو الذي أطلقه جماعة، وقيل: لا يحنث، وقيل: إن صرح بالإضافة إلى الموكل، لم يحنث، وإن نواه ولم يصرح، حنث. ولو قال: لا أكلم عبدا اشتراه زيد، لم يحنث بتكليم عبد اشتراه وكيله. ولو قال: لا أكلم امرأة تزوجها زيد، فكلم من تزوجها لزيد وكيله، ففيه الوجهان، فيما لو حلف: لا يتزوج، فتزوج وكيله له. ولو حلف: لا يكلم زوجة زيد، حنث بتكليم من تزوجها بنفسه أو بوكيله بلا خلاف.
واعلم أن كل هذه الصور فيمن أطلق ولم ينو، فأما إن نوى أن لا يفعل ولا يفعل بإذنه، أو لا يفعل ولا يأمر به، فيحنث إذا أمر به ففعل، هكذا أطلقوه مع قولهم: إن اللفظ حقيقة لفعل نفسه، واستعماله في المعنى الآخر مجاز. وفي هذا استعمال اللفظ في الحقيقة والمجاز جميعا، وهو بعيد عند أهل الأصول، والأولى أن يؤخذ معنى مشترك بين الحقيقة والمجاز جميعا، فيقال: إذا نوى أن لا يسعى في