في بلد، حنث بأكلها هناك. وهل يحنث بأكلها في غير ذلك البلد؟ وجهان رجح الشيخ أبو حامد والروياني المنع، والأقوى الحنث، وهو أقرب إلى ظاهر النص.
وهل يعتبر نفس البلد الذي يثبت فيه العرف، أم كون الحالف من أهله؟ وجهان.
هذا كله عند الاطلاق. وقال المتولي: فإن قصد أن لا يأكل ما يسمى رأسا، حنث برأس السمك والطير. وإن قصد نوعا خاصا، لم يحنث بغيره.
فرع حلف: لا يأكل البيض، حمل على ما يزايل بايضه وهو حي، لأنه المفهوم، فلا يحنث ببيض السمك والجراد، ويحنث ببيض الدجاج، والنعام، والإوز، والعصافير، وقيل: لا يحنث إلا ببيض الدجاج، وقيل: بالدجاج والإوز.
وقال الامام: الطريقة المرضية أنه لا يحنث إلا بما يفرد بالاكل في العادة، دون بيض العصافير والحمام ونحوها، والمذهب الأول. ولا يحنث بأكل خصية الشاة، لأنها لا تفهم عند الاطلاق. وإن خرجت البيضة وهي منعقدة من الدجاجة، فأكلها، حنث، وإن أخرجت بعد موتها، فأكلها، فوجهان.
قلت: الأصح الحنث. والله أعلم.
المسألة الرابعة: حلف لا يأكل الخبز، حنث بأي خبز كان، سواء فيه خبز البر، والشعير، والذرة، والباقلاء، والأرز، والحمص، لأن الجميع خبز، ولا يضر كونه غير معهود بلده، كما لو حلف: لا يلبس ثوبا، حنث بأي ثوب كان وإن لم يكن معهود بلده وذكر السرخسي وجها أنه لا يحنث بخبز الأرز إلا في طبرستان، وبه قطع الغزالي، ونسبه إلى الصيدلاني، وهي نسبة باطلة، وغلط في النقل، بل الصواب الذي قطع به الأصحاب في جميع الطرق أنه يحنث به كل أحد، وقد صرح بذلك الصيدلاني أيضا. قال المتولي: ويحنث بخبز البلوط أيضا، ويحنث بأكل الأقراص والرغفان وخبز الملة والمشحم وغيره، وسواء أكله على هيئته أو جعله ثريدا. لكن لو صار في المرقة كالحسو، فتحساه، لم يحنث،