إن الآية الكريمة وإن جاءت بكلمة (يرمون المحصنات) تدل على أنه ليس المراد بالرمي في هذا المقام الرمي بكل نوع من أنواع الجرائم، بل المراد به ههنا الرمي بالزنا خاصة.
2 - ان الرمي حكم شامل سواء كان القذف من الرجال أو النساء للرجال أو للنساء - 3 - وحكم القذف أن يضرب ثمانين جلدة 4 - وهذا الحكم إنما ينفذ في ما إذا كان القاذف قذف محصنا من الرجال أو النساء ولا ينفذ في ما إذا كان المقذوف غير محصن، أما إذا كان معروفا بفجوره لا ينشأ السؤال عن قذفه، ولكنه إذا لم يكن كذلك فللقاضي أن يعين برأيه عقوبة من يقذفه أو لمجلس الشورى أن يضع في هذا الباب قانونا حسب الظروف والحاجات.
5 - لا يدان أحد باقتراف القذف بمجرد أنه رمى غيره بالزنا بدون أن يقيم عليه الشهادة، بل لادانته باقتراف القذف عدة شروط لا بد من استيفائها في القاذف والمقذوف وفعلة القذف نفسها، واليك بيانها.
أما الشروط التي لا بد من جودها في القاذف.
(ا) أن يكون بالغا فإذا كان القاذف صبيا لا يقام عليه الحد، وإنما يقام عليه التعزير (ب) أن يكون عاقلا فإذا كان القاذف مجنونا لا يقام عليه الحد، وكذلك لا يقام حد القذف على من كان في سكر، الا إذا سكر بمحرم، لأنه كالصاحي فيما فيه حقوق العباد كسكر الكلوروفارم مثلا.
(ج) أن يكون قد قذف بإرادته الحرة طائعا، فمن قذف مكرها لا يقام عليه الحد (د) أن لا يكون والدا ولا جدا للمقذوف لأنه لا يقام عليه الحد.
هذه الشروط متفق عليها بين الفقهاء الا أن الحنفية قد أضافوا إليها شرطا خامسا هو أن يكون القاذف ناطقا، فإذ قذف الأخرس غيره بالإشارة والكناية لا يقام عليه الحد، وقد خالفهم الإمام الشافعي في ذلك وقال إن الأخرس إذا كانت إشارته أو كنايته واضحة يعرف بها مقصوده فهو قاذف، لان إشارته لا تقل عن صريح القول في تشويه سمعة المقذوف وإلحاق العار بذيله، ولكن