(والثاني) أنه يقطع لأنه لما سرق مال الغاصب علم أنه قصد سرقة مال الغاصب (والثالث) أنه إن كان ما سرقه متميزا عن ماله قطع لأنه لا شبهة له في سرقته، وإن كان مختلطا بماله لم يقطع لأنه لا يتميز ما يحب فيه القطع مما لا يجب فيه فلم يقطع.
وان سرق الطعام عام المجاعة نظرت إن كان الطعام موجودا قطع لأنه غير محتاج إلى سرقته، وإن كان معدوما لم يقطع لما روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال: لا قطع في عام المجاعة أو السنة، ولان له أن يأخذه فلم يقطع فيه.
(فصل) وان نقب المؤجر الدار المستأجرة وسرق منها مالا للمستأجر قطع لأنه لا شبهة له في ماله ولا في هتك حرزه، وان نقب المعير الدار المستعارة وسرق منها مالا للمستعير ففيه وجهان.
(أحدهما) انه لا يقطع لان له أن يرجع في العارية فجعل النقب رجوعا.
(والثاني) وهو المنصوص أنه يقطع لأنه أحرز ماله بحرز يحق فأشبه إذا نقب المؤجر الدار المستأجرة وسرق مال المستأجر، وان غصب رجل مالا أو سرقه وأحرزه فجاء سارق فسرقه ففيه وجهان (أحدهما) أنه لا يقطع لأنه حرز لم يرضه مالك (والثاني) أنه يقطع لأنه سرق ما لا شبهة له فيه من حرز مثله (فصل) وان وهب المسروق منه العين المسروقة من السارق بعد ما رقع إلى السلطان لم يسقط القطع لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في سارق رداء صفوان أن تقطع يده: فقال صفوان انى لم أرد هذا هو عليه صدقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلا قبل أن تأتيني به، ولان ما حدث بعد وجوب الحد ولم يوجب شبهة في الوجوب فلم يؤثر في الحد كما لو زنى وهو عبد فصار حرا قبل أن يحد أو زنى وهو بكر فصار ثيبا قبل أن يحد.
وان سرق عينا قيمتها ربع دينار فنقصت قيمتها قبل أن يقطع لم يسقط القطع لما ذكرناه، وان ثبتت السرقة بالبينة فأقر المسروق منه بالملك السارق أو قال كنت أبحته له سقط القطع لأنه يحتمل أن يكون صادقا في اقراره، وذلك شبهة فلم يجب معها الحد.