(فصل) وإن وجب عليه الحد ولم يقع في يده الامام طلب إلى أن يقع فيقام عليه الحد لقوله عز وجل (أو ينفوا من الأرض) وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: ونفيهم إذا هربوا أن يطلبوا حتى يوجدوا فتقام عليهم الحدود (فصل) ولا يجب ما ذكرناه من الحد إلا على من باشر القتل أو أخذ المال فأما من حضر ردءا لهم أو عينا فلا يلزمه الحد لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، وزنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير حق ويعزر لأنه أعان على معصية فعزر، وإن قتل بعضهم وأخذ بعضهم المال وجب على من قتل القتل وعلى من أخذ المال القطع لان كل واحد منهم انفر بسبب حد فاختص بحده.
(فصل) إذا قطع قاطع الطريق اليد اليسرى من رجل وأخذ المال قدم قطع القصاص سواء تقدم على أخذ المال أو تأخر، لان حق الآدمي آكد، فإذا اندمل موضع القصاص قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى لاخذ المال، ولا يوالي بينهما لأنهما عقوبتان مختلفتان فلا تجوز الموالاة بينهما، وإن قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى وأخذ المال وقلنا إن القصاص يتحتم، نظرت فإن تقدم أخذ المال سقط القطع الواجب بسببه، لأنه يجب تقديم القصاص عليه لتأكد حق الآدمي. وإذا قطع للآدمي زال ما تعلق الوجوب به الاخذ المال فسقط وإن تقدمت الجناية لم يسقط الحد لاخذ المال فتقطع يده اليسرى ورجله اليمنى لأنه استحق بالجناية فيصير كمن أخذ المال، وليس له يد يمنى ولا رجل يسرى فتعلق باليد اليسرى والرجل اليمنى (فصل) وإن تاب قاطع الطريق بعد القدرة عليه لم يسقط عنه شئ مما وجب عليه من حد المحاربة لقوله عز وجل (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم) فشرط في العفو عنهم أن تكون التوبة قبل القدرة عليهم، فدل على أنهم إذا تابوا بعد القدرة لم يسقط عنهم، وان تاب قبل القدرة عليه سقط عنه ما يختص بالمحاربة، وهو انحتام القتل والصلب وقطع الرجل للآية، وهل يسقط قطع اليد؟ فيه وجهان.
(أحدهما) وهو قول أبى علي بن أبي هريرة أنه يسقط لأنه قطع عضو