أبو بكر رضى الله أنه ماليك بليل سارق، فلبثوا ما شاء الله ففقدوا حليا لهم، فجعل الرجل يدعو على من سرق أهل هذا البيت الصالح، فمر رجل بصائغ فرأى عنده حليا، فقال ما أشبه هذا الحلى بحلي آل أبي بكر، فقال للصائغ ممن اشتريته فقال من ضعيف أبى بكر فأخذ فأقر، فجعل أبو بكر رضي الله عنه يبكى، فقالوا ما يبكيك من رجل سرق، فقال أبكى لغرته بالله تعالى، فأمر به فقطعت يده، ولان البيت المغلق حرز لما فيه فقطع بالسرقة منه.
(فصل) ولا يجب القطع بسرقة ما ليس بمال كالكلب والخنزير والخمر والسرجين، سواء سرقه من مسلم أو من ذمي لان القطع جعل لصيانة الأموال وهذه الأشياء ليس بمال فإن سرق اناء يساوى نصابا فيه خمر ففيه وجهان.
(أحدهما) أنه لا يقطع لان ما فيه تجب اراقته ولا يجوز اقراره فيه (والثاني) أنه يقطع لان سقوط القطع فيما فيه لا يوجب سقوط القطع فيه، كما لو سرق اناء فيه بول.
(فصل) وان سرق صنما أو بربطا أو مزمارا، فإن كان إذا فصل لم يصلح لغير معصية لم يقطع، لأنه لا قيمة لما فيه من التأليف، وإن كان إذا فصل يصلح لمنفعة مباحة ففيه ثلاثة أوجه.
(أحدها) أنه يقطع لأنه مال يقول على متلفه (والثاني) أنه لا يقطع لأنه آلة معصية فلم يقطع بسرقته كالخمر (والثالث) وهو قول أبى علي بن أبي هريرة رحمه الله أنه ان أخرجه مفصلا قطع لزوال المعصية، وان أخرجه غير مفصل لم يقطع لبقاء المعصية، وان سرق أواني الذهب والفضة قطع، لأنها تتخذ للزينة لا المعصية.
(فصل) وان سرق حرا صغيرا لم يقطع لأنه ليس بمال، وان سرقه وعليه حلي بقدر النصاب ففيه وجهان (أحدهما) أنه يقطع لأنه قصد سرقة ما عليه من المال (والثاني) أنه لا يقطع لان يده ثابتة على ما عليه، ولهذا لو وجد لقيط ومعه مال كان المال له فلم يقطع، كما لو سرق جملا وعليه صاحبه، وان سرق أم ولد نائمة ففيه وجهان.
(أحدهما) أنه يقطع لأنها تضمن باليد فقطع بسرقتها كسائر الأموال