إذا رواها الثقات وأما الحرز عند الذين أوجبوه فإنهم اتفقوا منه على أشياء واختلفوا في أشياء مثل اتفاقهم على أن باب البيت وغلقه حرز، واختلافهم في الأوعية، مثل اتفاقهم على أن من سرق من بيت دار غير مشتركة السكنى أنه لا يقطع حتى يخرج من الدار، واختلافهم في الدار المشتركة، فقال مالك وكثير ممن اشترط الحرز تقطع يده إذا أخرج من البيت، وقال أبو يوسف ومحمد:
لا قطع عليه إلا إذا أخرج من الدار.
ومنها اختلافهم في القبر هل هو حرز حتى يجب القطع على النباش أو ليس بحرز، فقال مالك والشافعي وأحمد وجماعة (هو حرز وعلى النباش القطع) وبه قال عمر بن عبد العزيز. وقال أبو حنيفة (لا قطع عليه) وكذلك قال سفيان الثوري، وروى ذلك عن زيد بن ثابت، والحرز عند مالك بالجملة هو كل شئ جرت العادة بحفظ ذلك الشئ المسروق فيه. فمرابط الدواب عنده أحراز وكذلك الأوعية وما على الانسان من اللباس فالانسان حرز لكل ما عليه أو هو عنده.
وإذا توسد النائم شيئا فهو له حرز على ما جاء في حديث صفوان، وما أخذ من المنتبه فهو اختلاس، ولا يقطع عند مالك سارق ما كان على الصبي من الحلى أو غيره إلا أن يكون معه حافظ يحفظه، ومن سرق من الكعبة شيئا لم يقطع عنده وكذلك من المساجد.
وقد قيل في المذهب أنه ان سرق منها ليلا قطع، واتفق القائلون بالحرز على أن كل من سمى مخرجا للشئ من حرزه وجب عليه القطع، وسواء كان داخل الحرز أو خارجه وإذا ترددت التسمية وقع الخلاف، مثل اختلاف إذا كان سارقان أحدهما داخل البيت والآخر خارجه، فقرب أحدهما المتاع المسروق إلى ثقب في البيت فتناوله الاخر، فقيل القطع على الخارج المتناول له، وقيل لا قطع على واحد منهما، وقيل القطع على المقرب للمتاع من الثقب، والخلاف في هذا كله آيل إلى انطلاق اسم المخرج من الحرز عليه أو لا انطلاقه فهذا هو القول في الحرز واشتراطه في وجوب القطع، ومن رمى بالمسروق من الحرز ثم أخذه خارج الحرز قطع، وقد توقف مالك فيه إذا أخذ بعد رميه وقبل أن يخرج، وقال ابن القاسم يقطع.