عند القذف بشهادة أو غير شهادة حال من لا تجوز شهادته بأنه غير عدل حد أو لم يحد فسواء ولا تقبل شهادته حتى تحدث له حال يصير بها عدلا ويتوب من القيل بما وصفت من إكذابه نفسه وتجوز شهادة المحدود في القذف إذا تاب على رجل في قذف، وتجوز شهادة ولد الزنا على رجل في الزنا وشهادة المحدود في الزنا إذا تاب على الحد في الزنا، وهكذا المقطوع في السرقة والمقتص منه في الجراح إذا تابوا ليس ههنا إلا أن يكونوا عدولا في كل شئ أو مجروحين في كل شئ إلا ما يشركهم فيه من لا عيب فيه من هذه العيوب فشهدوا فيكونون خصماء أو أظناء أو جارين إلى أنفسهم أو دافعين عنها أو ما ترد به شهادة العدول. وهكذا تجوز شهادة البدوي على القروي والقروي على البدوي والغريب على الآهل والآهل على الغريب ليس من هذا شئ ترد به الشهادة إذا كانوا كلهم عدولا، وإذا كان معروفا أن الرجلين قد يتبايعان فلا يحضرهما أحد ويتشاتمان ولا يحضر هما أحد ويقتل أحدهما الآخر ولا يحضرهما أحد فحضور البدوي القروي والقروي البدوي حتى يشهد على ما رأى واستشهد عليه جائز وقد لا يشهد لأنه حاضر يشهد غيره ثم ينتقل المشهد أو يموت أو يطمئن إلى صاحبه فلا يكون له شاهد غير بدوي أو بدويين. وكذلك قد يكون له شهود غيره يغيبون أو يموتون فلا يمنع ذلك البدوي أن تجوز شهادته إذا كان عدلا (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: في الرجل يغنى فيتخذ الغناء صناعته يؤتى عليه ويأتي له ويكون منسوبا إليه مشهورا به معروفا والمرأة لا تجوز شهادة واحد منهما وذلك أنه من اللهو المكروه الذي يشبه الباطل وأن من صنع هذا كان منسوبا إلى السفه وسقاطة المروءة ومن رضى بهذا لنفسه كان مستخفا وإن لم يكن محرما بين التحريم ولو كان لا ينسب نفسه إليه وكان إنما يعرف بأنه يطرب في الحال فيترنم فيها ولا يأتي لذلك ولا يؤتى عليه ولا يرضى به لم يسقط هذا شهادته وكذلك المرأة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: في الرجل يتخذ الغلام والجارية المغنيين وكان يجمع عليهما ويغشى لذلك فهذا سفه ترد به شهادته وهو في الجارية أكثر من قبل أن فيه سفها ودياثة وإن كان لا يجمع عليهما ولا يغشى لهما كرهت ذلك له ولم يكن فيه ما ترد به شهادته (قال) وهكذا الرجل يغشى بيوت الغناء ويغشاه المغنون إن كان لذلك مدمنا وكان لذلك مستعلنا عليه مشهودا عليه فهي بمنزلة سفه ترد بها شهادته. وإن كان ذلك يقل منه لم ترد به شهادته لما وصفت من أن ذلك ليس بحرام بين. فأما استماع الحداء ونشيد الاعراب فلا بأس به قل أو كثر وكذلك استماع الشعر * أخبرنا ابن عيينة عن إبراهيم بن مبسرة عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شئ؟ قلت: نعم قال: هيه فأنشدته بيتا. فقال: هيه فأنشدته حتى بلغت مائة بيت (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحداء والرجز وأمر ابن رواحة في سفره فقال حرك القوم فاندفع يرتجز وأدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبا من بنى تميم معهم حاد فأمرهم أن يحدوا وقال إن حادينا ونى من آخر الليل قالوا يا رسول الله نحن. أول العرب حداء بالإبل قال (وكيف ذلك؟) قالوا كانت العرب يغير بعضها على بعض فأغار رجل منا فاستاق إبلا فتبددت فغضب على غلامه فضربه بالعصا فأصاب يده فقال الغلام وا يداه وا يداه قال فجعلت الإبل تجتمع قال فقال هكذا فافعل قال والنبي صلى الله عليه وسلم يضحك فقال ممن أنتم؟. قالوا نحن من مضر فقال النبي صلى الله عليه وسلم (ونحن من مضر) فانتسب تلك الليلة حتى بلغ في النسبة إلى مضر (قال الشافعي) رحمه الله تعالى فالحداء مثل الكلام والحديث المحسن باللفظ وإذا كان هذا هكذا في الشعر كان تحسين الصوت بذكر الله والقرآن أولى أن يكون محبوبا فقد روى عن
(٢٢٦)