الرسالة - الإمام الشافعي - الصفحة ٣٦
إن العسير بها داء مخامرها * فشطرها بصر العينين مسحور (1)

(١) روايات نسخ الرسالة في هذا البيت مختلفة: فرواية ج:
(إن العسيب تهادى في مخامرها * فشطرها بصر العينين مسجور) وهو خطأ صرف. ورواية:
(غن العسير بها داء يخامرها * فشطرها بصر العينين محسور) وانا أرجح ان هذا تصرف من مصححي المطبعة الأميرية ببولاق، ليوافقوا به بعض ما رأوه في كتب اللغة. ورواية س موافقة لأصل الربيع الذي سنبين ما فيه من خطأ، وخلاف للروايات الصحيحة المعنى.
ورواية الصحاح واللسان والكامل والطبري نصها:
(ان العسير بها داء مخامرها * فشطرها نظر العينين محسور) والخلاف بين رواية البيت في أصل الربيع وبين سائر الروايات - عدا رواية شرح اشعار الهذليين للسكري. فإنها مباينة لباقي الروايات -: هذا الخلاف بسيط في حرفين وجوهري في حرفين:
أولا: كلمة مخامرها على اسم الفاعل، وفي ب يخامرها فعل مضارع والمعنى فيهما واحد.
وثانيا: كلمة بصر العينين في جميع نسخ الرسالة، وفي سائر الروايات نظر العينين ومعناهما واحد أيضا.
وثالثا: كلمة العسير بالراء في آخرها، فإنها في أصل الربيع و س وج العسيب بالباء الموحدة بدل الراء. وهي مخالفة لسائر الروايات، وخطأ في المعنى أيضا. لان العسيب: عظم الذنب، و (العسيب) أيضا: جريد النخل إذا كشط عنه خوصه. ولا يصلح واحد من هذين المعنيين في هذا البيت. والصواب (العسير) بالراء، وهي الناقة التي لم تذلل، قال في اللسان: ناقة عسير: اعتسرت من الإبل فركبت أو حمل عليها ولم تلين قبل. لان البيت في وصف ناقة، كما نص عليه صاحب اللسان في مادة ع س ر وكما قال أبو العباس المبرد في الكامل ١:
١١٢
في شرح البيت: والعسير التي تعسر بذنبها إذا حملت، اي تشيله وترفعه، ومنه سمى الذنب عوسرا، اي تضرب بذنبها، ومعنى ذلك أنه ظهر من جهدها وسوء حالها ما أطيل معه النظر إليها حتى تحسر العينان، والحسير: المعيي، وفي القرآن:
ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير. وأيضا فان البيت الذي بعده في اشعار الهذليين في الكلام على الناقة، كما سنذكر.
ورابعا: كلمة مسحور كتبت في أصل الربيع مسجور بالجيم، وكذلك طبعت في س و ج وهي خطأ ليس لها معنى، وانا أرجح ان أصلها بالحاء المهملة، وان النقطة وضعها تحت الحاء بعض القارئين في الأصل. ووصف البصر بأنه مسحور وصف معروف ظاهر المعنى، ومنه قوله تعالى في سورة الأعراف في الآية 116:
(فما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم). والذي في سائر الروايات محسور:
بتقديم الحاء على السين، وقد سبق معناه في كلام المبرد. وقال في اللسان: (حسر بصره يحسر حسورا: اي كل وانقطع نظره من طول مدى وما أشبه ذلك، فهو حسير ومحسور).
واما رواية السكري في شرح اشعار الهذليين فإنها مباينة تماما لهذه الروايات.
قال ما نصه:
(وقال قيس بن عيزارة:
إن النعوس بها داء يخامرها * فنحوها بصر العينين مخزور ويلمها لقحة إذا تأوبهم * مسع شامية فيها الأعاصير النعوس: لقحة تحمد عند الدر، إذا حلبت نعست. قال:
نعوس إذا درت جزور إذا غدت * بويزل عام أو سديس كبازل يقال: خزر البصر يخزر، وطرف أخزر: إذا نظر من مؤخر عينه.
مسع: اسم من أسماء الشمال، مسع ونسع، يقول: إذا هبت الشمال فبردت ففيها مستمتع.
انتهى كلام السكري. وهو واضح، وليس في الرواية عنده موضع الشاهد في أن الشطر معناه الجهة أو النحو. ورواية الشافعي أصح، لأنه كان اعرف الناس بشعر الهذليين.
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الجزء الأول 5
2 رموز النسخ 6
3 الخطبة 7
4 الصلاة على النبي 16
5 باب كيف البيان 21
6 باب البيان الأول 26
7 باب الثاني 28
8 باب الثالث 31
9 باب الرابع 32
10 باب الخامس 34
11 باب ما نزل من الكتاب عاما يراد به العام ويدخله الخصوص 53
12 باب ما أنزل من الكتاب عام الظاهر وهو يجمع العام والخصوص 56
13 باب بيان ما نزل من الكتاب عام الظاهر يراد به كله الخاص 58
14 باب الصنف الذي يبين سياقه معناه 62
15 باب ما نزل عاما دلت السند خاصة على أنه يراد به الخاص 64
16 بيان فرض الله في كتابه اتباع سنة نبيه 73
17 باب فرض الله طاعة رسول الله مقرونة بطاعة الله ومذكور كورة وحدها 79
18 باب ما أمر الله من طاعة رسول الله 82
19 باب ما أبان الله لخلقه من فرضه على رسوله اتباع ما أوحى إليه وما شهد له به من ابتاع ما أمر به ومن هداه وأنه هاد لمن اتبعه 85
20 ابتداء الناسخ والمنسوخ 106
21 الناسخ والمنسوخ الذي يدل الكتاب على بعضه والسنة على بعضه 113
22 باب فرض الصلاة الذي دل الكتاب ثم السنة على من تزول عنه العذر وعلى من لا تكتب صلاته بالمعصية 117
23 الناسخ (2) والمنسوخ الذي تدل عليه السنة والاجماع 137
24 باب الفرائض التي أنزل الله (1) نصا 147
25 الفرائض المنصوصة التي (6) سن رسول الله معها 161
26 الفرض المنصوص الذي دلت السنة على أنه إنما أراد به الخاص جمل الفرائض 167
27 جمل الفرائض 176
28 في الزكاة 186
29 [في الحج] 197
30 [في العدد (7)] 199
31 [في محرمات النساء] 201
32 الجزء الثاني 204
33 [في محرمات الطعام (3)] 206
34 [فيما تمسك عنه المعتدة من الوفاة (1)] 209
35 باب العلل في الأحاديث 210
36 وجه آخر 245
37 وجه آخر 251
38 وجه آخر من الاختلاف 267
39 اختلاف الرواية على وجه غير الذي قبله 276
40 وجه آخر مما يعد مختلفا وليس عندنا بمختلف 282
41 (3) وجه آخر من الاختلاف 297
42 [في غسل الجمعة (3)] 302
43 النهى (1) عن معنى دل عليه معنى في (2) حديث غيره 307
44 النهى عن معنى أوضح من معنى قبله 313
45 النهى عن معنى يشبه الذي قبله في شئ ويفارقه في شئ غيره 316
46 باب آخر 331
47 وجه يشبه المعنى الذي قبله 335
48 [صفة نهى الله ونهى رسوله] (1) 343
49 [باب العلم] (1) 357
50 [باب خبر الواحد] (3) 369
51 الجزء الثالث 389
52 الحجة في تثبيت خبر الواحد 401
53 [باب الاجماع] (2) 471
54 [القياس] (3) 476
55 [باب الاجتهاد] (1) 487
56 [باب الاستحسان] (4) 503
57 [باب الاختلاف (1)] 560