ابن منصور، ثقة، لا ينبغي أن يترك حديثه لرأي أخطأ فيه، يعني القدر (1).
وهذه الجملة قد يستفاد منها التوثيق، لكن الحق أنها لا تفيده، لأن نقل الحفيد أحمد بن محمد عن جده لا يتفق مع النقل الآخر عن ابن القطان، فقد جاء عنه قوله:... إنا حين رأيناه كان لا يحفظ... (2) وقد مر عليك أن (صدوق) و (لا بأس به) و (محله الصدق) وغيرها من عبارات هذه المرتبة من مراتب التعديل لا يمكن الاحتجاج بأحد من أهلها، لأنها تشعر بعدم شريطة الضبط، وفيما نحن فيه فإن عبارة القطان (لا يحفظ) هي الأخرى دالة على عدم الضبط، بخلاف ما نقله أحمد بن محمد عن جده فإنها تدل على ذلك بالإشعار لا الصراحة، والعلة في ذلك أن التوثيق لا يطلق على من كان لا يحفظ، اللهم إلا أن يقال أن مقصود القطان هنا هو أن عباد ثقة في نفسه حتى لو افترض أنه لا يحفظ وغير ضابط في الحديث، وهذا هو الذي عنيناه بالإشعار، فانتبه.
ولا يخفى عليك أن دلالة الصريح تقدم على دلالة الإشعار بالأولوية العقلية، وعليه فعدم الاحتجاج بقول أحمد بن محمد عن جده هنا أولى.
هذا إذا افترضنا كون عباد قائلا بالقدر مع عدم كونه داعية إليه، وإلا فلا يحتج بالداعية من الأساس على ما هو صريح ابن الصلاح (3)، وابن حبان (4)، وابن حجر (5)، والنووي (6)، والطيبي (7)، والسيوطي (8)، وكل أصحاب الشافعي (9).