المناقشة في هذا الطريق عثمان بن أبي شيبة، وهو وإن وثقه غير واحد من أهل العلم إلا أن البعض الآخر منهم لينوه، ويبدو أن علة تليينه هو ما حكي عنه من التصحيف في القرآن الكريم.
والإنصاف أن علة هذا التليين غير معقولة، إذ من البعيد جدا أن يصحف إمام حافظ تصحيفا لا يصدر عن صبيان المكاتب (1).
وهل يعقل أن يقرأ ابن أبي شيبة وأمثاله (ألم) الاستفهامية من سورة الفيل (ألف، لام، ميم) مقطعة كما تقرأ في أول سورة البقرة؟
فمما يحتمل - وهو ما قاله الذهبي عنه - أنه كان مزاحا حتى فيما يتصحف من القرآن (2).
وعلى أسوأ تقدير فإنه يمكن الاحتجاج به في المتابعات والشواهد، فتأمل! لكن التحقيق هو أن هذا الطريق مخدوش من جهتين أخريين:
الأولى: وجود هشام بن سعد فيه، حيث لم يوثقه أحد من الرجاليين، وفي نفس الوقت لم نعثر على من جرحه بما يوجب ترك حديثه مطلقا - حتى مع النظر - وأكثر أهل العلم مدحوه بما هو دون الوثاقة، وقليل منهم لينه لينا يتدارك بالاعتبار.
قال العجلي: جائز الحديث، حسن الحديث (3).
وقال أبو زرعة: شيخ محله الصدق (4).
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به (5).