لجدار سلطته عبر الوضوء النبوي الصحيح، وكان داود بن زربي أيضا محط النظر في قضية الوضوء، مما يعني أن الجواسيس كانوا يؤكدون على مفردة الوضوء الثنائي المسحي أيضا في معرفة المخالفين للسلطة العباسية ولمدرسة الاجتهاد والرأي.
فعن داود بن زربي قال: سألت الصادق عن الوضوء؟ فقال لي: " توضأ ثلاثا ثلاثا ".
ثم قال لي: أليس تشهد بغداد وعساكرهم؟!
قلت: بلى.
قال داود: فكنت يوما أتوضأ في دار المهدي، فرآني بعضهم وأنا لا أعلم به، فقال: كذب من زعم أنك رافضي وأنت تتوضأ هذا الوضوء.
قال: فقلت: لهذا والله أمرني (1).
وهذا النص يؤكد استمرار النزاع الوضوئي، وتأكيد الحكام على ضرورة التزام الوضوء العثماني وترك الوضوء النبوي الثنائي المسحي.
ولا يخفى عليك أن المهدي العباسي كان يكره نهج علي في الفقه والإمامة، إذ أن القاسم بن مجاشع التميمي عرض عليه وصيته، وكان فيها بعد الشهادة بالوحدانية ونبوة محمد " وأن علي بن أبي طالب وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووارث الإمامة من بعده "، فلما بلغ المهدي إلى هذا الموضع رمى بالوصية ولم ينظر فيها (2).
وسأل المهدي شريكا القاضي قائلا: ما تقول في علي بن أبي طالب؟
قال: ما قال فيه جدك العباس وعبد الله.
قال: وما قالا فيه؟
قال: فأما العباس فمات وعلي عنده أفضل الصحابة، وكان يرى كبراء المهاجرين يسألونه عما ينزل من النوازل، وما احتاج هو إلى أحد حتى لحق بالله، وأما عبد الله فإنه كان يضرب بين يديه بسيفين، وكان في حروبه رأسا منيعا وقائدا