بنت معوذ، وحيث أن هذا الحكم كان يتوافق مع ما ذهب إليه معاوية بن أبي سفيان ولم يأت في الوضوءات البيانية الأخرى عن الصحابة فهذا مما يجعلنا نشكك فيه وخصوصا بعد أن عرفنا أن موقف الربيع بنت المعوذ كان موقفا أمويا، وأن ابن عباس كان لا يرتضي حكايتها عن رسول الله.
ومثله الحال وجود نقلين عن عبد الله بن زيد بن عاصم ليس في أحدهما: غسل الرجلين ومسح الرأس مقبلا ومدبرا وغسل الأعضاء ثلاثا وهذا ما يرجح أن يكون الوضوء الثنائي المسحي عنه هو الأرجح.
إن موضوع مسح الرأس قد تغير من أيام معاوية وأخذ يفقد حكمه حتى ترى فقهاء المذاهب الأربعة يجوزون غسل الرأس بدلا من مسحه، وإن كان من بينهم من يذهب إلى كراهتها (1).
وبما أن مستند هذا الحكم انحصر بعبد الله بن زيد بن عاصم والربيع ولم ينقل هذا القيد عن غيرهما عن رسول الله، وحيث عرفنا أن معاوية كان وراء هذا الرأي، فلا يستبعد بعد هذا أن تكون الربيع قد حكت ما يعجب معاوية وأنصاره، أو أن ينسبوا إلى عبد الله بن زيد بن عاصم مثله.
وبعد هذا يحق للمطالع أن يتساءل أو يشكك في نسبة هذا الوضوء الثلاثي الغسلي لهذا الصحابي الشاب دون غيره من أعيان الصحابة، وخصوصا بعد أن وقفنا على وجود وضوء ثنائي مسحي منقول ومروي عنه بلا اضطراب ولا خلل لا في المتن ولا في السند.
وبهذا فقد علمنا كل العلم كيف كان الأمويون - ومن بعدهم العباسيون - ينسبون كل ما يرتؤونه إلى خصومهم الفقهيين والفكريين تدعيما لمزاعمهم.
والذي يؤكد هذه الناحية هو إننا رأينا أن كل منقولات عبد الله بن زيد ابن عاصم عن النبي لا تتجاوز العشرين في المجاميع الحديثية المعتمدة عند أهل السنة والجماعة، ونحن وإن كنا لا ننكر صعوبة الإلمام بفقهه من خلالها فقط، إلا إننا بضميمة ما قدمنا يمكننا استلال الكثير من خلالها، والتأكد من أن الوضوء الثنائي المسحي