النقلين - الوضوء مرتين، والدلك - لا يتطابق مع ما حكاه عبد الله بن زيد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في روايات أخرى من غسله لرجليه ثلاثا ومسحه للرأس مقبلا ومدبرا، لأن المد يتفق مع غسل الأعضاء مرة ومرتين ثم مسح الرأس والرجلين، لعدم بقاء ماء لغسل الرجلين إما افتراض وقوع ذلك مع تثليث غسل الأعضاء وخصوصا الرجل منه فبعيد جدا.
فنحن لو قلنا بصحة روايات عبد الله بن زيد بن عاصم الغسلية فستخالف ما جاء عنه: (أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) توضأ المرة والمرتين) أو (أن النبي (صلى الله عليه وآله) أتى بثلثي مد ماء فتوضأ فجعل يدلك ذراعيه)، وحيث لا يمكن القول بصحة النقلين معا، لزم الترجيح بينهما.
إن تخصيص الوضوء الثلاثي الغسلي بهذا الصحابي الأنصاري المعارض ليجعلنا في شك منه، ويرجح عندنا الوضوء الثنائي المسحي المنقول عنه عن النبي بدون كل هذه الملابسات، بل بمعضدات من فقه الأنصار ومواقفهم السياسية بل من فقهه ومواقفه السياسية هو بالذات.
يبدو أن الأمويين استغلوا انزواءه وصغر سنه حين وفاة النبي، وعدم وجود الأدوار البارزة له والأضواء المسلطة عليه، فاتخذوه وسيلة لكسب الأنصار والمتعبدين إلى جانب وضوئهم - العثماني الاجتهادي -، وما ذلك من فعلات الأمويين ببعيد.
أضف إلى ذلك، ما قدمناه من اضطراب روايات الغسل اضطرابا شديدا في السند، وربما في المتن، وخلو روايات المسح عن ذلك خلوا تاما، مضيفين إليه وجود نقلين آخرين في الوضوء الثنائي المسحي عن عباد:
أحدهما عن أبيه تميم بن زيد المازني، وقد جاءت في أغلب المصادر الثاني: عن عمه عبد الله بن زيد بن عاصم وهو ما أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار.
وهذين النقلين يدعمان النقل المسحي عن عبد الله بن زيد ويوضحان تقاربه لفقه الأنصار، لأن النقل الثاني عن عباد والذي أخرجه الطحاوي يؤيد ما أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عيينة عن عمرو بن يحيى، عن أبيه عن عبد الله أن النبي توضأ