أصح نسبة إليه وأقرب إلى نفسه ومساره الفقهي، وإلى فقه الأنصار.
فقد روي عبد الله بن زيد أنه رأى النبي في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى، وروى استقاء النبي (صلى الله عليه وآله) وتحول ردائه، وروى قوله (صلى الله عليه وآله): " ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة "، وروى قوله (صلى الله عليه وآله): " لا وضوء إلا فيما وجدت الريح أو سمعت الصوت "، وروى قوله (صلى الله عليه وآله): " إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ودعوت لهم في مدها وصاعها مثل ما دعا به إبراهيم لمكة "، وروى قضية توزيعه (صلى الله عليه وآله) الغنائم يوم حنين على المؤلفة قلوبهم دون الأنصار وترضي النبي لهم، وروى قول النبي (صلى الله عليه وآله) في حقه وحق أهله: " رحمة الله عليكم أهل البيت "، وروى أن النبي توضأ مرتين مرتين، وروى أنه (صلى الله عليه وآله) تمضمض واستنشق من كف واحد، وروي عنه كيفية وضوء النبي (صلى الله عليه وآله).
وها نحن نرى أن جميع منقولاته هذه توافق نهج التعبد المحض، وما رواه كبار الصحابة عن النبي (صلى الله عليه وآله) وليس فيها ما يخالفهم إلا في هذا الموضع المتنازع فيه وهو الوضوء، فما هو سر ذلك؟!
ولماذا التأكيد على الوضوء الغسلي الماسح للرأس مقبلا ومدبرا بماء جديد دون سائر المفردات الفقهية الأخرى؟!
وهل عجز الصحابة الكبار وقدماء الصحبة عن أن يبينوا حكم الوضوء الذي عرفت كيفيته منذ بدء نزول الوحي، حتى يفرد هذا الصحابي الشاب المعارض للاجتهاد والقرشيين والأمويين فقها وسياسة ببيان الوضوء العثماني الأموي الاجتهادي؟!
وبهذا قد تكون عرفت سبب تعريفه غالبا " بصاحب حديث الوضوء "؟! وأنه يدل على مزعمة كالتي زعمت في عبد الله بن زيد الذي أري الأذان؟! على أن رواية عبد الله بن زيد للوضوء مرتين مرتين، فيه تعضيد للوضوء المسحي الذي لا يجيز التثليث، كما أن روايته: " أن النبي توضأ فجعل يدلك ذراعيه " تؤيد الوضوء الثنائي المسحي لأن المصرح به - أي الدلك - يتوافق مع الوضوء بماء قليل، لا بماء كثير وتثليث للغسلات وغسل للمسوحات، لأن المد لا يكفي لذلك كما أكدنا ذلك مرارا.
وعليه: فالوضوء إما بمد أو ثلثي مد - كما في رواية ابن حبان عن عبد الله - وأن