وكيفا، بحيث شغل حيزا كبيرا من تفكير المسلمين.
ولم تقتصر الدلالات على القرآن الكريم فقط، بل صرحت السنة النبوية المباركة قولا وعملا بوجود هذا الاتجاه وانتقدته وفندته - أيما انتقاد وتفنيد - لأن تلك الفئة لم تحدد عملها واجتهادها في كلام النبي وإنما راحت تتعداه إلى القرآن الكريم.
فلذلك قال النبي (صلى الله عليه وآله) لبعض أصحابه، ما لكم تضربون كتاب الله بعضه ببعض؟!
بهذا هلك من كان قبلكم (1). وفي نص آخر أنه (صلى الله عليه وآله) قال: أيتلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم (2)؟! وفي نص ثالث قوله (صلى الله عليه وآله): أبهذا أمرتم أو لهذا خلقتم؟ أن تضربوا كتاب الله بعضا ببعض، انظروا ما أمرتم به فاتبعوه، وما نهيتم عنه فانتهوا (3).
وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد حذر أصحابه من هذا التهافت المقيت في تعاملهم مع النصوص القرآنية والنبوية، إذ الإيمان بالله ورسوله يقتضي التسليم والانقياد لما يقوله الله ويأمر به الرسول (صلى الله عليه وآله)، فعدم التسليم بقدسية النبي (صلى الله عليه وآله) وأقواله وأفعاله يتقاطع مع الإيمان المطلق بالله والرسول.
لقد حذر الله من عواقب هذا النوع من التفكير، وأنبأ أنه سينجر إلى (الفتنة)، فعن الزبير بن العوام - في تفسير قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول... - إلى قوله - واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) * (4) - قال: لقد قرأنا هذه الآية زمانا وما أرانا من أهلها، فإذا نحن المعنيون بها (5).
وقال السدي: نزلت في أهل بدر خاصة، فأصابتهم يوم الجمل (6).
وبما أن ولادة مثل هذا الفكر في مجتمع حديث عهد بالإسلام أمر يوافق سيرة