بل لا يبقى مجال لافتراض حتى فرقة واحدة في النار -!!!
وإذا كانت الوحدوية هي مطلوب الشارع، فلم تصحح التعددية وتلتزم؟! وهل يصح ما قيل في اختلاف الأمة باعتباره رحمة؟ وما معنى تأكيده سبحانه على وحدة الكلمة إذن؟
ولو كانت الفرقة هي مطلوب الشارع، فماذا يعني قوله تعالى: * (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) * (1)، وكذا قوله: * (إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) * (2).
إن القول بالتعددية أو الإيمان بالوحدوية يرجع - في نظرنا - إلى ما عزوناه من أسباب في انقسام المسلمين بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأهمها انقسامهم إلى نهجين رئيسيين:
1 - نهج التعبد المحض = الوحدوية.
2 - نهج الاجتهاد والرأي = التعددية.
وقد فصلنا الحديث عن هذين النهجين في دراستنا لأسباب منع تدوين الحديث، موضحين فيه جذور الرأي والاجتهاد عند العرب قبل الإسلام، وتصوراتهم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكيفية تعاملهم معه كأنه شخص عادي يخطئ ويصيب، ويقول في الغضب ما لا يقوله في الرضا، بل وحسب فهم بعضهم، ما هو إلا سلطان جاهد فانتصر، وإن تعاليمه ما هي إلا مقررات أصدرها من عند نفسه ولم ينزل الله سبحانه فيها شيئا.
والإسلام - ولكي يوحد الأمة - جاء بشهادة (أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله) إذ أن الشهادة الأولى كانت تعني جمع العرب - ومن ثم العالم - على اعتقاد واحد، بوحدانية المعبود وترك الآلهة والأصنام الموجودة عندهم،