منسوخ فيها البتة، إلا قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله) * فإن بعضهم قال: هذه الآية منسوخة، فإذا كان كذلك امتنع القول بأن وجوب غسل الرجلين منسوخ.
والثالث: أن خبر المسح على الخفين بتقدير أنه كان متقدما على نزول الآية كان خبر الواحد منسوخا بالقرآن، ولو كان بالعكس كان خبر الواحد ناسخا للقرآن. ولا شك أن الأول أولى لوجوه:
الأول: أن ترجيح القرآن المتواتر على خبر الواحد أولى من العكس.
وثانيها: أن العمل بالآية أقرب إلى الاحتياط.
وثالثها: أنه قد روي عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " إذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافقه فاقبلوه وإلا فردوه ". وذلك يقتضي تقديم القرآن على الخبر.
ورابعها: أن قصة معاذ تقتضي تقديم القرآن على الخبر.
الوجه الرابع في بيان ضعف هذا الخبر: أن العلماء اختلفوا فيه، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لأن تقطع قدماي أحب إلي من أن أمسح على الخفين).
وعن ابن عباس (رضي الله عنه) أنه قال: (لأن أمسح على جلد حمار أحب إلي من أن أمسح على الخفين).
وأما مالك فإحدى الروايتين عنه أنه أنكر جواز المسح على الخفين. ولا نزاع أنه كان في علم الحديث كالشمس الطالعة، فلولا أنه عرف فيه ضعفا، لما قال ذلك. والرواية الثانية عن مالك أنه ما أباح المسح على الخفين للمقيم وأباحه للمسافر مهما شاء من غير تقدير فيه.
وأما الشافعي وأبو حنيفة وأكثر الفقهاء فإنهم جوزوه للمسافر ثلاثة أيام بلياليها من وقت الحدث بعد اللبس. وقال الحسن البصري: ابتداؤه من وقت لبس الخفين. وقال الأوزاعي وأحمد: يعتبر وقت المسح بعد الحدث.
قالوا: فهذا الاختلاف الشديد بين الفقهاء يدل على أن الخبر ما بلغ مبلغ الظهور