وجودها بعينه معقوليتها وقد فرضناها كذلك هذا خلف. فإذن لزم من ذلك أن الصورة العقلية في حد نفسها مع فرض تفردها عما عداها هي معقولة فتكون عاقلة أيضا إذ المعقولية لا يتصور حصولها بدون العاقلية كما هو شأن المتضايفين وحيث فرضناها مجردة عما عداها فتكون معقولة لذاتها. ثم الموضوع أولا أن هاهنا ذاتا تعقل الأشياء المعقولة لها ولزم من البرهان أن معقولاتها متحدة مع من يعقلها وليس إلا الذي فرضناه. فظهر وتبين مما ذكر أن كل عاقل يجب أن يكون متحد الوجود مع معقوله.
فهو المطلوب.
(114) وهذا البرهان جاز في سائر الإدراكات الوهمية والخيالية والحسية حتى أن الجوهر الحساس منا يتحد مع الصورة المحسوسة له بالذات دون ما خرج عن التصور كالسماء والأرض وغيرهما من الماديات التي ليس وجودها وجودا إدراكيا. فتدبر وأحسن إعمال رؤيتك فيه فإنه صعب المنال. والله ولي الفضل والإفضال.