يستطيع التغلب على هذا المرض وشدة بطشه، ونحن كأطباء نقر بعجزنا كل العجز عن مكافحته والتغلب عليه.
فخرج المركيز عن القاعة وقد اغرورقت عيناه بالدموع، ولحق به طبيبه الخاص محاولا تخفيف، وقع الصدمة عليه وهو يقول: (ان الموت يا سيدي المركيز سيريح سيدتي المركيزة من الآلام المبرحة التي لا تفارقها مدى الحياة). فرد عليه المركيز:
- احتفظ بهذه الحكم لنفسك يا عزيزي الطبيب، انكم مع ما بلغتموه من العلم عاجزون عن شفائها، ولكني لن أيأس وسأوفد فرسانا ورسلا إلى أنحاء المملكة كافة، ليفتشوا عن شخص قد يستطيع إنقاذها بعلمه وخبرته من مخالب الموت.
وهكذا انتشر فرسان نائب الملك ورسله في جميع أنحاء البلاد يطوفونها سائلين باحثين، عن الشخص المطلوب.. في المدن والقرى وعلى رؤوس الجبال، وفى بطون الأودية، معلنين في كل ناحية أخبار الفاجعة التي توشك ان تحل بقصر آل (كينكون). وقيل أخيرا لاحد الفرسان من رسل نائب الملك ان في قمة جبل (آنده) شيخا خبيرا بالأعشاب عليما بأسرارها، وهو زاهد متقشف، يحيا حياة الفاقة والفقر في صومعته النائية. فألوى الفارس عنان جواده وراح يدفعه نحو القمة بأقصى ما يستطيع من قوة وسرعة، حتى وصل إلى الشيخ المنشود فبادره قائلا:
- أأنت رجل العجائب الذي قيل لي انه يعرف أسرار الأعشاب ويقدر على شفاء زوجة نائب الملك من مرضها الفتاك؟
- نعم يا سيدي، أنا هو ذلك الرجل.
- إذن تعال معي إلى قصره مسرعا، فهو الذي أوفدني إليك، لعلك تشفي زوجته. وهو، إذا نجحت، سيغمرك بالمال الوفير.. بل بذهب التاج كله إذا أردت، وبعيشة رغيدة هانئة طيلة حياتك في قصره المنيف.