وكان الناظر إلى وجوههم إذا ذاك يستطيع ان يتبين فيها دلائل اليأس من شفاء المركيزة، وعجزهم عن التغلب على سلطان الموت الذي اخذ يبسط ظلاله الرهيبة في الغرفة شيئا فشيئا، حتى قارب حافة السرير وشرع يمد يده ليغمض عيني المركيزة إلى الأبد. وقال طبيب المركيز الخاص:
(لابد من استدعاء المركيز ومصارحته.) ثم سكت الطبيب قليلا ليردف قائلا:: (لقد أصبحت أيدينا مغلولة حيال الموت، وباتت وشيكة، الساعة التي تفارق روح المركيزة فيها جسدها الفاني فليأت المركيز ليطبق بيديه أجفان زوجته.) وعندما دخل المركيز إلى القاعة، سأل الأطباء بصوت مرتعش:
- كيف حال المريضة؟
فأجابه طبيبه الخاص:
- ان حالتها سيئة يا صاحب السمو وقد انقطع كل أمل لنا بشفائها.
- آه... صه لا تقل ذلك، لا أريد.. بل لا أستطيع ان اسمع.
- إنني أقوم بما يحتمه على واجبي كطبيب يا سيدي المركيز.
- أتسمى هذا واجبا؟... أمن واجباتك الطبية أن تحطم كل أمل لي بنجاة زوجتي الحبيبة؟.. ألا يمكن ان تحدث معجزة؟.
- معجزة!. طبعا، ولكن ذلك ليس في أيدينا، والذي يهدينا إليه العلم هو ان المركيزة (فرنسيسكا) لن تشهد أكثر من ثلاث مرات شروق الشمس وغروبها بعد اليوم حتى يقف قلبها وقفته الأبدية التي تنتهي بها الحياة.
- يا إلهي!.. ماذا تقول؟ وما اسم هذا المرض الخبيث الذي سيسلب مني كل شئ، ويحرم البلاد من أم رؤوم؟
- ليس بين السماء والأرض في بلاد (بيرو) أو في أية بلاد أخرى من