الباب الخامس 64 - في ذكر أبي الفضل الهمذاني وحاله ووصفه ومحاسن نثره ونظمه هو أحمد بن الحسين بديع الزمان ومعجزة همذان ونادرة الفلك وبكر عطارد وفرد الدهر وغرة العصر ومن لم يلق نظيره في ذكاء القريحة وسرعة الخاطر وشرف الطبع وصفاء الذهن وقوة النفس ومن لم يدرك قرينه في ظرف النثر وملحه وغرر النظم ونكته ولم ير ولم يرو أن أحدا أبلغ مبلغه من لب الأدب وسره وجاء بمثل إعجازه وسحره فإنه كان صاحب عجائب وبدائع وغرائب فمنها أنه كان ينشد القصيدة التي لم يسمعها قط وهي أكثر من خمسين بيتا فيحفظها كلها ويؤديها من أولها إلى آخرها لا يخرم حرفا ولا يخل بمعنى وينظر في الأربعة والخمسة أوراق من كتاب لم يعرفه ولم يره نظرة واحدة خفيفة ثم يهذها عن ظهر قلبه هذا ويسردها سردا وهذه حاله في الكتب الواردة عليه وغيرها وكان يقترح عليه عمل قصيدة أو إنشاء رسالة في معنى بديع وباب غريب فيفرغ منها في الوقت والساعة والجواب عنها فيها
(٢٩٣)