الباب السادس في ذكر أبي الفتح البستي وسائر أهل بست وسجستان وإيراد غررهم 65 - أبو الفتح علي بن محمد الكاتب البستي صاحب الطريقة الأنيقة في التجنيس الأنيس البديع التأسيس وكان يسميه المتشابه ويأتي فيه بكل طريقة لطيفة وقد كان يعجبني من شعره العجيب الصنعة البديع الصيغة قوله (من كل معنى يكاد الميت يفهمه * حسنا ويعبده القرطاس والقلم) من البسيط ما أراه فأرويه وألحظه فأحفظه وأسأل الله بقاءه حتى أرزق لقاءه وأتمنى قربه كما تتمنى الجنة وإن لم يتقدم لها الرؤية حتى وافقت الأمنية حكم القدر وطلع علي بنيسابور طلوع القمر فزاد العين على الأثر والاختبار على الخبر ورأيته يغرف في الأدب من البحر وكأنما يوحى إليه في النظم والنثر مع ضربه في سائر العلوم بالسهم الفائز وأخذه منها بالحظ الوافر وجمعته وإياي لحمة الأدب التي هي أقوى من قربة النسب فما زلت في قدماته الثلاث نيسابور بين سرور وأنس مقيم من حسن معاشرته وطيب مذاكرته ومحاضرته في جنة نعيم أجتني ثمر الغراب من فوائده وأنظم العقود من فرائده ولم يكن تغبني كتبه في غيبته ولا أكاد أخلو من آثار وده وكرم عهده
(٣٤٥)