فأما أن الآيات تحرم المتعة، فقد أغمض فيه عن كون الآيات مكية، والمتعة كانت دائرة بعد الهجرة في الجملة، فهل كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يبيح ما حرمه القرآن بإجازته المتعة؟ وقوله صلى الله عليه وآله وسلم حجة بنص القرآن فيعود ذلك إلى التناقض في نفس القرآن، أو أن إباحته كانت ناسخة لآيات الحرمة: (والذين هم) الآيات، ثم منع عنها القرآن أو النبي صلى الله عليه وآله وسلم فحييت بذلك الآيات بعد موتها، واستحكمت بعد نسخها؟ وهذا أمر لا يقول به، ولا قال به أحد من المسلمين، ولا يمكن أن يقال به.
وهذا في نفسه نعم الشاهد على أن المتمتع بها زوجة، وأن المتعة نكاح، وأن هذه الآيات تدل على كون التمتع تزوجا، وإلا لزم أن تنتسخ بترخيص النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فالآيات حجة على جواز التمتع دون حرمته.
وبتقرير آخر: آيات المؤمنون والمعارج: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم) الآيات، أقوى دلالة على حلية المتعة من سائر الآيات، فمن المتفق عليه بينهم أن هذه الآيات محكمة غير منسوخة وهي مكية، ومن الضروري بحسب النقل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رخص في المتعة، ولولا كون المتمتع بها زوجة كان الترخيص بالضرورة ناسخا للآيات وهي غير منسوخة، فالتمتع زوجية مشرعة فإذا تمت دلالة الآيات على تشريعه فما يدعى من نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنها فاسد أيضا لمنافاته الآيات، واستلزامه نسخها، وقد عرفت أنها غير منسوخة بالاتفاق.
وكيف كان فالمتمتع بها على خلاف ما ذكره زوجة والمتعة نكاح، وناهيك في ذلك ما وقع فيما نقلناه من الروايات من تسميته في لسان الصحابة والتابعين بنكاح المتعة حتى في لسان عمر بن الخطاب في الروايات المشتملة على نهيه كرواية البيهقي عن عمر في خطبته ، ورواية مسلم عن أبي