الباحث يرى ما فيها من التباين والتضارب، ولا يتحصل للباحث في مضامينها غير أن عمر بن الخطاب أيام خلافته حرمها ونهى عنها لرأي رآه في قصص عمرو بن حريث، وربيعة بن أمية بن خلف الجمحي، وأما حديث النسخ بالكتاب أو السنة فقد عرفت عدم رجوعه إلى محصل، على أن بعض الروايات يدفع البعض في جميع مضامينها إلا في أن عمر بن الخطاب هو الناهي عنها المجري للمنع، المقرر حرمة العمل وحد الرجم لمن فعل - هذا أولا - .
وأنها كانت سنة معمولا بها في زمن النبي في الجملة بتجويز منه صلى الله عليه وآله وسلم: إما إمضاء وإما تأسيسا، وقد عمل بها من أصحابه من لا يتوهم في حقه السفاح كجابر بن عبد الله، وعبد الله بن مسعود، والزبير بن العوام، وأسماء بنت أبي بكر، وقد ولدت بها عبد الله بن الزبير - وهذا ثانيا -.
وأن في الصحابة والتابعين من كان يرى إباحتها كابن مسعود وجابر وعمرو بن حريث وغيرهم، ومجاهد والسدي وسعيد بن جبير وغيرهم - وهذا ثالثا -.
وهذا الاختلاف الفاحش بين الروايات هو المفضي للعلماء من الجمهور بعد الخلاف فيها من حيث أصل الجواز والحرمة أولا، إلى الخلاف في نحو حرمتها وكيفية منعها ثانيا وذهابهم فيها إلى أقوال مختلفة عجيبة ربما أنهي إلى خمسة عشر قولا.
وإن للمسألة جهات من البحث لا يهمنا إلا الورود من بعضها، فهناك بحث كلامي دائر بين الطائفتين: أهل السنة والشيعة، وبحث آخر فقهي فرعي ينظر فيها إلى حكم المسألة من حيث الجواز والحرمة، وبحث آخر تفسيري من حيث النظر في قوله تعالى: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن