الناس في التلبس بها وتبعيتها وعدمه إلا أن تزاحم القانون في مسيره متمنع حينئذ.
ولازم ذلك أن يعتاد المجتمع الذي شأنه ذلك بما يوافق هواه من رذائل الشهوة والغضب فيستحسن كثيرا مما كان يستقبحه الدين، وان يسترسل باللعب بفضائل الأخلاق والمعارف العالية مستظهرا بالحرية القانونية.
ولازم هذا اللازم أن يتحول نوع الفكرة عن المجرى العقلي إلى المجرى الإحساسي العاطفي، فربما كان الفجور والفسق في مجرى العقل تقوى في مجرى الميول والإحساسات وسمي فتوة وبشرا وحسن خلق كمعظم ما يجري في أوربا بين الشبان، وبين الرجال والنساء والكلاب، وبين الرجال وأولادهم ومحارمهم، وما يجري في الاحتفالات ومجالس الرقص وغير ذلك مما ينقبض عن ذكره لسان المتأدب بأدب الدين وربما كان عاديات الطريق الديني غرائب وعجائب مضحكة عندهم وبالعكس كل ذلك لاختلاف نوع الفكرة والإدراك باختلاف الطريق، ولا يستفاد في هذه السنن الاحساسية من التعقل - كما عرفت - إلا بمقدار ما يسوى به الطريق إلى التمتع والتلذذ فهو الغاية الوحيدة التي لا يعارضها شئ، ولا يمنع منها شئ إلا في صورة المعارضة بمثلها حتى انك تجد بين مشروعات القوانين الدائرة أمثال (الانتحار) و (دئل) وغيرهما، فللنفس ما تريده وتهويه إلا ان يزاحم ما يريده ويهواه المجتمع.
إذا تأملت هذا الاختلاف تبين لك وجه أوفقية سنة المجتمع الغربي لمذاق الجامعة البشرية دون سنة المجتمع الديني غير أنه يجب أن يتذكر أن سنة المدنية الغربية وحدها ليست هي الموافقة - لطباع الناس - حتى تترجح بذلك وحدها بل جميع السنن المعمولة الدائرة بين أهلها من أقدم أعصار الانسانية إلى عصرنا هذا من سنن البداوة والحضارة تشترك في أن الناس