شاعرة فاعلة جرى بها القانون، وإذا ماتت من جهة انحطاط يعرض لنفوس الناس وهرم يطرأ على بنية المجتمع، أو كانت حية لكنها فقدت صفة الشعور والادراك لانغمار المجتمع في الملاهي وتوسعه في الاتراف والتمتع، أو كانت حية شاعرة لكنها فقدت التأثير لظهور قوة مستبدة فائقة غالبة تقهر إرادتها إرادة الأكثرية، وكذا في الحوادث التي لا سبيل للقوة التنفيذية على الوقوف عليها كالجرائم السرية، أو لا سبيل لها إلى بسط سيطرتها عليها كالحوادث الخارجة عن منطقة نفوذها ففي جميع هذه الموارد لا تنال الأمة أمنيتها من تطبيق القانون وحصانة المجتمع من المفاسد والتلاشي وعمدة الانشعابات الواقعة في الأمم الأوروبية بعد الحرب العالمية الكبرى الأولى والثانية من أحسن الأمثلة في هذا الباب.
وليس ذلك (أعني انتقاض القوانين وتفسخ المجتمع وتلاشيه) إلا لأن المجتمع لهم يهتم بالسبب الحافظ لإرادات الأمة على قوتها وسيطرتها وهي الأخلاق العالية إذ لا تستمد الإرادة في بقائها واستدامة حياتها إلا في الخلق المناسب لها كما بين ذلك في علم النفس، فلولا استقرار السنة القائمة في المجتمع واعتماد القانون الجاري فيه على أساس قويم في الأخلاق العالية كانت كشجرة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار.
واعتبر في ذلك ظهور الشيوعية، فليست إلا من مواليد الديمقراطية أنتجها إتراف طبقة من طبقات المجتمع وحرمان آخرين، فكان بعدا شاسعا بين نقطتي القساوة وفقد النصفة ، والسخط وتراكم الغيظ والحنق، وكذا في الحرب العالمية التي وقعت مرة بعد مرة وهي تهدد الانسانية ثالثة، وقد أفسدت الأرض وأهلكت الحرث والنسل ولا عامل لها إلا غريزة الاستكبار والشره والطمع، هذا.
ولكن الاسلام بنى سنته الجارية وقوانينه الموضوعة على أساس الأخلاق، وبالغ في تربية الناس عليها لكون القوانين الجارية في الأعمال في