فمن المتعين أن يحمل الاستمتاع المذكور في الآية على نكاح المتعة لدورانه بهذا الاسم عندهم يوم نزول الآية سواء قلنا بنسخ نكاح المتعة بعد ذلك بكتاب أو سنة أو لم نقل فإنما هو أمر آخر.
وجملة الأمر أن المفهوم من الآية حكم نكاح المتعة، وهو المنقول عن القدماء من مفسري الصحابة والتابعين كابن عباس وابن مسعود وأبي بن كعب وقتادة ومجاهد والسدي وابن جبير والحسن وغيرهم، وهو مذهب أئمة أهل البيت عليهم السلام.
ومنه يظهر فساد ما ذكره بعضهم في تفسير الآية أن المراد بالاستمتاع هو النكاح فإن إيجاد علقة النكاح طلب للتمتع منها هذا، وربما ذكر بعضهم أن السين والتاء في استمتعتم للتأكيد، والمعنى: تمتعتم.
وذلك لأن تداول نكاح المتعة (بهذا الاسم) ومعروفيته بينهم لا يدع مجالا لخطور هذا المعنى اللغوي بذهن المستمعين.
على أن هذا المعنى على تقدير صحته وانطباق معنى الطلب على المورد أو كون استمتعتم بمعنى تمتعتم، لا يلائم الجزاء المترتب عليه أعني قوله: (فآتوهن أجورهن) فإن المهر يجب بمجرد العقد، ولا يتوقف على نفس التمتع ولا على طلب التمتع الصادق على الخطبة واجراء العقد والملاعبة والمباشرة وغير ذلك، بل يجب نصفه بالعقد ونصفه الآخر بالدخول.
على أن الآيات النازلة قبل هذه الآية قد استوفت بيان وجوب إيتاء المهر على جميع تقاديره، فلا وجه لتكرار بيان الوجوب، وذلك كقوله تعالى: (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) (1).