العرب بأن محمدا دخل عنوة إلى مكة وكسر شوكتها، فبعثوا إليه بوفد يرأسه سهيل بن عمرو بن عبد ود العامري وطلبوا منه أن يرجع في هذه المرة من حيث أتى على أن يتركوا له مكة في العام القادم ثلاثة أيام وقد اشترطوا عليه شروطا قاسية قبلها رسول الله لاقتضاء المصلحة التي أوحى بها إليه ربه عز وجل.
ولكن بعض الصحابة لم يعجبهم هذا التصرف من النبي وعارضوه في ذلك معارضة شديدة وجاء عمر بن الخطاب فقال: ألست نبي الله حقا؟ قال: بلى، قال عمر: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قال عمر: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري، قال عمر: أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرتك أنا نأتيه العام؟ قال عمر: لا قال: فإنك آتيه ومطوف به.
ثم أتى عمر بن الخطاب إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقا؟ قال: بلى. ثم سأله عمر نفس الأسئلة التي سألها رسول الله، وأجابه أبو بكر بنفس الأجوبة قائلا له: أيها الرجل إنه لرسول الله وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه، ولما فرغ رسول الله من كتاب الصلح قال لأصحابه:
قوموا فانحروا ثم احلقوا، فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يمتثل لأمره منهم أحد دخل خباءه ثم خرج فلم يكلم أحدا منهم بشئ حتى نحر بدنه بيده، ودعا حالقه فحلق رأسه، فلما رأى أصحابه ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا (1)...