تقول له أبخل الناس ولو ملك بيتا من تبر وبيتا من تبن لأنفق تبره قبل تبنه (1)، وهو الذي يقول يا صفراء ويا بيضاء غري غيري، أبي تعرضت أم إلي تشوقت، هيهات هيهات قد طلقتك ثلاثا لا رجعة لي فيك (2)، وهو الذي جاد بنفسه ليلة الفراش وفدى النبي صلى الله عليه وآله حتى نزل في حقه (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) (3).
قال يوحنا: فلما سمعوا هذا الكلام لم ينكره أحد منهم، وقالوا: صدقت إن هذا الذي قلت قرأناه من كتبنا ونقلناه عن أئمتنا لكن محبة الله ورسوله وعنايتهما أمر وراء هذا كله، فعس الله أن يكون له عناية بأبي بكر أكثر من علي فيفضله عليه.
قال يوحنا: إنا لا نعلم الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى، وهذا الذي قلتموه تخرص، وقال الله تعالى: (قتل الخراصون) (4) ونحن إنما نحكم بالشواهد التي لعلي عليه السلام على أفضليته فذكرناها.
وأما عناية الله به فتحصل من هذه الكمالات دليل قاطع عليها، فأي عناية خير من أن يجعله الله بعد نبيه أشرف الناس نسبا، وأعظمهم حلما، وأشجعهم قلبا، وأكثرهم جهادا وزهدا وعبادة وكرما وورعا، وغير ذلك من الكمالات