الصدقة، ثم إن النبي صلى الله عليه وآله غني بمال خديجة كما يروون (1) وإن قلت: بالمدينة فأبو بكر هاجر ولم يملك من المال سوى (600) درهم فترك لعياله شيئا، وحمل معه ما بقي ونزل على الأنصار، فكان هو وكل من يهاجر عالة على الأنصار، ثم إن أبا بكر لم يكن من التجار، بل كان تارة بزازا يبيع - يوم اجتماع الناس - أمتعة يحملها على كتفه، وتارة معلم الأولاد، وأخرى نجارا يصلح لمن يحتاج بابا أو مثله. وأما تزويجه ابنته لرسول الله صلى الله عليه وآله فهذا لا يلزم منه تولي أمور المسلمين به.
وأما صلاته في الجماعة - إن صحت - فلا يلزم منها تولي الإمامة الكبرى أو الخلافة العظمى، فصلاة الجماعة غير الخلافة، وقد ورد أن الصحابة كان يؤم بعضهم بعضا، حضرا وسفرا، فلو كانت هذه تثبت دعواكم لصح أن يكون كل منهم حقيقا بالخلافة، ولو صحت لادعاها يوم السقيفة لنفسه لكنها لم تكن أنذاك، بل وجدت أيام الطاغية معاوية، لما صار الحديث متجرا، ثم حديث الجماعة جاء عن ابنته عائشة فقط!
ولا ننسى لما سمع النبي صلى الله عليه وآله تكبيرة الصلاة، قال: من يؤم الجماعة؟
فقالوا: أبو بكر، قال: احملوني فحملوه - بأبي وأمي - متعصبا مدثرا، يتهادى بين رجلين (علي، والفضل) حتى دخل المسجد فعزل أبا بكر، وأم الجماعة بنفسه، ولم يدع أبا بكر يكمل الصلاة، فلو كانت صلاة أبي بكر بإذن النبي صلى الله عليه وآله أو برضاه فلماذا خرج بنفسه صلى الله عليه وآله وهو مريض وأم القوم؟!