لأنفسها فأصابت ووفقت. قال فقلت: يا أمير المؤمنين إن تأذن لي في الكلام وتمط عني الغضب تكلمت، قال: تكلم، قال ابن عباس فقلت: أما قولك يا أمير المؤمنين اختارت قريش لنفسها فأصابت ووفقت، فلو أن قريش اختارت لأنفسها من حيث اختار الله لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود، وأما قولك:
إنهم كرهوا أن تكون لنا النبوة والخلافة فإن الله عز وجل وصف قوما بالكراهة فقال:
* (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) *.
فقال عمر: هيهات يا ابن عباس، قد كانت تبلغني عنك أشياء أكره أن أقرك فتزيل منزلتك مني. فقلت: يا أمير المؤمنين فإن كانت حقا فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك، وإن كانت باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه. فقال عمر: بلغني أنك تقول: حرفوها عنا حسدا وبغيا وظلما. قال ابن عباس فقلت: أما قولك يا أمير المؤمنين ظلما فقد تبين للجاهل والعالم، وأما قولك حسدا فإن آدم حسد ونحن ولده المحسودون.
فقال عمر: هيهات هيهات أبت والله قلوبكم يا بني هاشم إلا حسدا لا يزول.
قال فقلت: مهلا يا أمير المؤمنين لا تصف بهذا قلوب قوم أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا (1).
فرط الوفاء لهذا الشعار لم يكتف الفاروق بالعمل على ترجمة شعار " لا ينبغي أن يجمع الهاشميون النبوة مع الخلافة " إلى واقع وسيادة هذا الشعار في حياته، إنما عمل الفاروق وبكل قواه حتى يسود هذا المبدأ حتى بعد وفاته، فهو حريص كل الحرص على أن لا تؤول رئاسة الدولة الإسلامية لعلي أو لأي هاشمي بعد وفاته مثل حرصه على أن لا يتولى