وأنت على عملك فتقول: هم إلينا ولا هلم إليكم دون غيركم..... " (1).
معنى ذلك أن الفاروق يريد أن يطمئن أنه حتى بعد موته بأن الخلافة لن تؤول لعلي أو لأي هاشمي، وهذا قمة الوفاء لشعار لا ينبغي أن يجمع الهاشميون الخلافة مع النبوة.
برح الخفاء وباحت الأسرار قسمت بطون قريش قسمة خارجية، فخصصت لبني هاشم النبوة لا يشاركهم بها أحد من هذه البطون. فالنبوة خالصة لبني هاشم أما الخلافة - حسب هذه القسمة - فهي خالصة لبطون قريش مجتمعة تتداولها بينها لا يشاركها فيها هاشمي على الاطلاق. واعتقدت هذه البطون أن هذه القسمة عادلة تماما لذلك قررت بالإجماع أن لا تمكن الهاشميين من أن يجمعوا الخلافة مع النبوة. ولكنها لا تدري كيف تفعل، هل تجعل هذه القسمة ملزمة للجميع؟ ولا تدري كيف تضع قرارها موضع التنفيذ، لأنها أسلمت متأخرة فتأخرت. وبينما كانت البطون حائرة في أمرها لا تدري ماذا تفعل، برز ابن قريش البار عمر بن الخطاب معبرا عن ضميرها ومترجما قسمتها، ومنفذا لقرارها ومبررا القسمة وشرعية القرار، فاستحق بحق لقب ابن بطون قريش البار.
فعمر هو الذي حال بين رسول الله وبين كتابة ما يريد بحجة أن المرض قد اشتد برسول الله، وأن كتاب الله وحده يكفي ولا حاجة لكتابة الكتاب الذي أراد رسول الله كتابته، وأعوان عمر هم الذين أيدوا رأيه وتطرفوا بتأييد هذا الرأي حتى بلغ بهم التطرف حدا أن قالوا: هجر رسول الله، استفهموا إنه يهجر، وحتى اختلفوا وتنازعوا مع الفريق الذي أيد رسول الله، وما كان لهذا الفريق أبدا أن يقول ما قال لولا ثقته المطلقة بالفاروق ومعرفته اليقينية بمضمون هذا الكتاب. فقد أدرك عمر بثاقب بصيرته أن النبي (ص) يريد أن يجدد عهوده للولي، فحال بينه وبين كتابة ما