إذا لماذا يتمسك الفاروق بهذا الشعار ويخلص له؟
لأن الفاروق - حسب اجتهاده - يرى أن هذه القسمة " النبوة للهاشميين والخلافة للبطون قسمة عادلة " وأن قريش عندما قسمت هذه القسمة قد اهتدت ووفقت تماما - كما وثقنا ذلك - ثم من باب سد الذرائع، فلو جمع الهاشميون النبوة مع الخلافة فإن ذلك إجحافا ويؤدي لإجحاف بني هاشم على بطون قريش، والإجحاف ليس من الإسلام. أما علي بالذات فهو صغير السن بالنسبة لغيره، وهو غير مؤهل ليكون وليا على المسلمين من بعد النبي، ولكل ما أشرنا من أسباب، وللحرص على الإسلام تبنى الفاروق هذا الشعار وأخلص له بالرغم من إدراكه بأنه يتعارض مع ظاهر النصوص، لأن الفاروق لا يتعامل مع الظواهر إنما يتعامل مع البواطن ومآلات الأمور.
ما هو موقف الفاروق كحاكم وكنائب للحاكم من الولي ومن العترة الطاهرة؟
الفاروق حريص على مستقبل الإسلام والمسلمين حتى عندما كان وزيرا فعندما أراد النبي (ص) أن يكتب وصيته، ورأى الفاروق أن هذه الوصية قد تشكل خطرا على مستقبل الإسلام والمسلمين تصدى للنبي الكريم نفسه وعارض كتابة الوصية واستقطب حوله مجموعة كبيرة من المعارضين، فتمادوا بمعارضتهم للنبي حتى قالوا للنبي (ص) ومواجهة: رسول الله هجر، استفهموه إنه يهجر!!!
والفاروق هو نفسه الذي رتب أمر اختيار الخليفة وتابع الأحداث دقيقة بدقيقة حتى نصب الخليفة الجديد في غياب كل قريش وغياب العترة الطاهرة وغياب عميدها، وذلك حرصا على مصلحة المسلمين ووحدتهم. وحتى لا يجمع الهاشميون النبوة مع الخلافة فيجحفوا على قومهم، والفاروق بطبيعته يكره الاجحاف والظلم.
والفاروق لا يتساهل في ما يمس أمن الدولة ووحدة الأمة، فأمن الدولة ووحدة الأمة فوق كل اعتبار، فإذا اعتقد أن الاخلال بأمن الدولة أو تعريض وحدة الأمة