أي هاشمي أي عمل من أعمال الدولة الإسلامية حتى ولو كان هذا الهاشمي ذا قوة وذا أمانة. فشرط عدم توليه الهاشمي حتى ولو كان ذا قوة وذا أمانة لم يكن من عبد الرحمن بن عوف إنما كان تنفيذا حرفيا لوصية الفاروق وهو على فراش الموت، ونورد ثانية مقاطع من الواقعة التي رواها المسعودي في مروجه:
عندما مات عامل حمص، أرسل عمر إلى ابن عباس وهم بتوليته ثم عدل والسبب كما يذكره الفاروق:
" يا ابن عباس، إني خشيت أن يأتي علي الذي هو آت - يعني موت عمر - وأنت في عملك فتقول: هم إلينا ولا هم إليكم دون غيركم " (1).
فالفاروق يريد أن يموت وهو مطمئن البال بأنه أيا من الولاة لن يدعو لبني هاشم ولن يساعد دعوتهم لترأس الدولة الإسلامية. ومن أجل هذا وضع الشرط " عدم جواز تولية الهاشمي حتى ولو كان ذا قوة وذا أمانة " كما وثقنا ذلك مرارا. وهذا منتهى الوفاء لشعار " لا ينبغي أن يجمع الهاشميون النبوة والخلافة " ولا أحد من البطون يمكن أن يصل إلى هذه الدرجة من الوفاء لهذا الشعار، ولم يفرض هذا القيد على أي بطن من بطون المسلمين قط إلا على الهاشميين.
هل أمر الله بهذا الشعار؟
هذا الشعار جاهلي من كل الوجوه كما أثبتنا مرتين، فما أمر الله به، ولا أمر به رسوله، ولا تقره عقيدة الإسلام لا من قريب ولا من بعيد، بل وهو يتعارض تعارضا كاملا مع النصوص الشرعية القولية والفعلية كالنصوص المتعلقة بتنصيب علي بن أبي طالب وليا من بعد النبي (ص) والتي عرضناها ووثقناها، ويتعارض مع النصوص الواردة بضرورة التمسك بالعترة أهل البيت واعتبارهم أحد الثقلين، وسفينة النجاة وحزب الله، وأمان الأمة من الاختلاف، وأن الشرف والرئاسة لمحمد وآله، ولتأكيد هذه الحقيقة جعل الله الصلاة على محمد وآله ركنا من أركان الصلاة المفروضة، وقد وثقنا ذلك أكثر من مرة فارجع إليه.