إذا لم يكن هاشميا، فمعارضة قريش غير واردة، فأول من بايع الخليفة هو عثمان الأموي ومن معه من بني أمية، ثم سعد بن أبي وقاص و عبد الرحمن بن عوف ومن معهما من بني زهرة (1). ولفهم دقة الاختيار لو أن قريش كلها بايعت أبا بكر ولم يبايعه الأنصار لما كان لبيعة قريش أدنى قيمة واقعية ولأمكن الإمام في ما بعد أن يقيم الحجة على قريش وأن ترجح كفته بالأنصار. ومن هنا فلا معنى لتحضير قريش لأنها فريق والثلاثة يقومون مقامها ويحققون أهدافها.
وهكذا ولأول مرة في التاريخ بقيت العترة الطاهرة خاصة والهاشميون عامة بدون مرجح واقعي يضمن لهم الفوز على بطون قريش، بعد أن تمكن الثلاثة من الانفراد بالأنصار والتعبير عن ضمير البطون القرشية، واستبعاد الهاشميين بالكامل عن الخلافة والولاية والأعمال فيما بعد.
ومن هنا نفهم سر أسلوب عمر بأخذ بيعة المهاجرين والعترة الطاهرة وعميدها بعد خروج الثلاثة من السقيفة: كان الناس في المسجد الشريف مجتمعين، فلما أقبل عليهم أبو بكر وأبو عبيدة وقد بايع الأنصار أبا بكر، قال لهم عمر:
ما لي أراكم مجتمعين حلقا شتى، قوموا فبايعوا أبا بكر فقد بايعته وبايعه الأنصار. فقام عثمان ومن معه من بني أمية فبايعوا وقام سعد و عبد الرحمن ومن معهما من بني زهرة فبايعوا. وأما علي والعباس بن عبد المطلب ومن معهم من بني هاشم فانصرفوا إلى رحالهم ومعهم الزبير بن العوام، فذهب إليهم عمر في عصابة، فقالوا: انطلقوا فبايعوا أبا بكر، فأبوا......
أنظر إلى لهجة الفاروق وأسلوبه بأخذ البيعة......
في السقيفة الجالسون في السقيفة مجرد جماعة من جماعات الأنصار وليسوا كل الأنصار ولا نصفهم ولا ثلثهم ولا ربعهم ولا حتى عشرهم، لأن الأكثرية الساحقة من سكان المدينة من الأنصار، والقسم الأكبر منهم كان في بيت النبي أو حوله بالعقل