كل مؤمن ومؤمنة بعده... الخ، ما هي مصلحتهم بتجاهل هذه النصوص الواضحة القاطعة وأمثالها؟ فالأنصار لم تجتمع لاختيار خليفة منها، وهذا أمر عسير تصديقه بكل الموازين لأن الأنصار يعرفون الولي ويعرفون الخليفة، بدليل أنهم وفي غياب علي وعندما أدركوا أن الأمر سيفلت من أيديهم قالوا: " لا نبايع إلا عليا "، وفي رواية قال بعض الأنصار: " لا نبايع إلا عليا " (1)، مما يدل على أن بعض الموجودين أرادوا مبايعة غيره إن صدقت الرواية الثانية، لكن من المؤكد أن إحدى الروايتين صادقة، وعندما غلب الأنصار على أمرهم وراجعتهم فاطمة الزهراء عليها السلام طالبة النصرة فكانوا يقولون لها: يا بنت رسول الله - قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ولو أن زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به، فيقول علي كرم الله وجهه: أفكنت أدع رسول الله (ص) في بيته لم أدفنه وأخرج أنازع الناس سلطانة؟
فتقول فاطمة: ما صنع أبو حسن إلا ما كان ينبغي له ولقد صنعوا ما الله حسيبهم ومطالبهم (2).
وبشير بن سعد - الذي خرج عن إجماع الأنصار وكان أول من بايع أبا بكر - لما سمع حجة الإمام واحتجاجه قال مخاطبا عليا: " لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك يا علي قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلف عليك اثنان " (3).
من كان هذا تفكيرهم لا يعقل أن يعقدوا اجتماعا بقصد انتخاب خليفة للنبي في غياب الولي الذي نصبه النبي وليا لهم من بعده أمام أعينهم في غدير خم وقدموا بأنفسهم له التهاني، وسمعوا النبي مرات ومرات وهو يقول لهم: إنه وليكم من بعدي، وإنه مولى كل مؤمن ومؤمنة بعدي.
ثم إن سعد بن عبادة الصحابي الجليل وسيد الخزرج وصاحب المواقف التي لا تعرف المهادنة أكبر من أن يقبل الخلافة من بعده في وجود الولي وأهل بيته وشيوخ