* (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * (1).
فلو أن النبي فارق الدنيا ولم ينصب الإمام والخليفة من بعده ولم يبين كيفية انتقال منصب الإمام لنا في ذلك كمال الدين وتمام النعمة، لأن الإمام هو القائم مقام النبي، والنبي هو أساس نظام الدين ونظام الدنيا وهو محور كل تحرك.
وقد اكتشف الحكام ذلك، فلم يصدف على الاطلاق أن مات حاكم دون أن يعين عمليا الحاكم " الخليفة الذي يليه "، وقالوا: إن هذا حق مطلق لهم، أنظر إلى قول ابن خلدون عن الخليفة:
" فهو وليهم والأمين عليهم ينظر لهم، ذلك في حياته ويتبع ذلك أن ينظر لهم بعد مماته ويقيم لهم من يتولى أمورهم كما كان هو يتولاها ويثقون بنظره لهم في ذلك، كما وثقوا به في ما قبل... " (2).
فإذا لم يعين الخليفة القائم من يخلفه من بعده لكان موضع لوم، أنظر بربك إلى قول عبد الله بن عمر لأبيه: " يا أمير المؤمنين استخلف على أمة محمد، فإنه لو جاءك راعي إبلك أو غنمك وترك إبله أو غنمه لا راعي لها للمته وقلت له: كيف تركت أمانتك ضائعة، فكيف يا أمير المؤمنين بأمة محمد " (3).
ثم انظر قول عائشة أم المؤمنين لعبد الله بن عمر: " يا بني أبلغ عمر سلامي وقل له: لا تدع أمة محمد بلا راع، استخلف عليهم ولا تدعهم بعدك هملا، فإني أخشى عليهم الغشة. فأتى عبد الله فأعلمه فقال: ومن تأمرني أن أستخلف؟.. الخ " (4).
كل الخلفاء طوال التاريخ أدركوا بأن ترك الخليفة القائم للأمة دون أن يعين من يخلفه عمل ينافي الحكمة ويفتح باب الفتنة ويعرض من يفعل ذلك اللوم، كما