وترسخت العقيدة، وطبعت الأحكام، وقام نظام الدولة وترأسها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مدة عشر سنوات.
لكن طبيعة الإسلام كآخر دين، وطبيعة قواعده المتعمقة بالعموم والشمول، وطبيعة المهمة الملقاة على عاتق المسلمين والمتمثلة بتقليص رقعة الكفر، وهداية الجنس البشري تقتضي بالضرورة وجود مرجعية بعد وفاة الرسول (ص)، وهذا أمر من البداهة بحيث أنه لا يحتاج إلى دليل لولا التقليد الأعمى، والتسليم بالواقع، وفطرة أغلبية الناس بإطاعة الغالب.
سيقول البعض - وخاصة الأحزاب الدينية العربية - إن علماء المسلمين هم المرجع بالمعنى الذي تقصده. والخليفة هو مرجع المراجع أيضا. ونحن نجيبهم بأن قولكم الأول غير عملي، فماذا يكون الموقف لو أن علماء المسلمين - على فرض إمكانية جمعهم في مكان واحد - قد افترقوا على فرقتين أو ثلاثة أو أكثر، وكل مجموعة لها وجهة نظر مستندة إلى ظاهر من الشرعية، وكلهم عمالقة بفقههم، وأصر كل فريق على رأيه، فأي فريق نتبع؟ وأي رأي ننفذ؟ ستقول الأحزاب الدينية العربية: إن الحاكم يتبنى الرأي الذي يراه مناسبا من هذه الآراء خلال فترة حكمه!!
إذن هم يعترفون أن الحاكم هو المرجع أو هو الذي يقوم بدور المرجع بوصفه خليفة النبي، ولكنكم تعلمون أنه قد توالى على رئاسة الدولة أعداد لا حصر لها من الخلفاء منهم التقي كعلي وأبي بكر، ومنهم أيضا مروان بن الحكم ومعاوية بن أبي سفيان ويزيد ابنه، ومنهم ترأس الدولة بالطريقة الشرعية، ومنهم ترأس الدولة ودانت له الناس لأنه الغالب وبحكم الحال والاضطرار. فمروان ليس عالما وغير مؤهل لاختيار الحكم الأمثل.
الحاجة لمرجعية بعد وفاة النبي رأينا أن كل نبي على الاطلاق مرجع بالضرورة، كلفه الله تعالى بمهام ووظائف وسيد الأنبياء وخاتمهم محمد (صلى الله عليه وآله) قاد الدعوة إلى الله فنجحت دعوته، وأسفرت عن دولة طبقت قواعد العقيدة الإلهية بيانا كاملا نظريا وعمليا، وأعلن الله أنه قد أكمل للمسلمين دينهم وأتم عليهم نعمته. وخير النبي