وجند الشام المجندة تحت أمرته، وخيراتها المكنوزة لحاجاته الشخصية. ويزيد هذا شاب سكير مشهور بخلاعته وقلة دينه ومجونه وتفاهته. ولكن، وكما فرض نفسه على الأمة بالتغلب والقهر، أراد أن يورثها لابنه باعتبارها جزءا " من ممتلكاته الخاصة، وقدر معاوية أن أهل المدينة الذين يعرفون يزيدا " لن يقبلوه، وبالتالي فستكون الفرصة ذهبية للقضاء التام على ما تبقى من المؤمنين. وبعد أن استخلف يزيد وعهد إليه; أوصاه بأن يرسل مسلم بن عقبة إلى المدينة إذا ثار أهلها، ويبدو واضحا " أن معاوية قد تفاهم مع مسلم بن عقبة على ما ينبغي فعله بأهل المدينة.
مات معاوية، وجرت (مراسيم) بيعة الخليفة الجديد يزيد مع مراسيم العزاء بموت الخليفة القديم معاوية، وطلب من الحسين بن علي بن أبي طالب سبط النبي، وابن علي، أن يبايع يزيد ليكون حاكمه وإمامه وقائده! وأهل المدينة يتفرجون لا يدفعون هذا الحرج عن سبط النبي لا بيد ولا بلسان، فوعد الإمام أن ينظر في الطلب، ولما أرخى الليل سدوله ودع الحسين جده، وخرج بأهله ومن اتبعه من ذرية أخية وأبناء عمومته خائفا "، وتوجه إلى مكة. وأحيط أهل مكة علما " بقدوم الحسين وأهله، وبإصرار ولاة يزيد على أخذ البيعة منه فلم يحركوا ساكنا "، بل نظروا إليه كزائر من زوار بيت الله الحرام، وأمضى الحسين أياما " في مكة ثم توجه إلى العراق. وفي كربلاء كان جيش يزيد بانتظاره هو وأهل بيته، كان جيش (الخلافة) قد تلقى أمرا " حاسما " بالحيلولة بين الحسين وأهل بيته ومن معه وبين الماء حتى يموتوا جميعا " عطشا " تماما " وولاة العراق، وقادة جيش الخلافة الذي نهد ليذبح سبط النبي وأهل بيت النبوة أقل وأذل من أن يصدروا أمرا " بهذه الخطورة وأن ينفذوه على مسؤوليتهم، بمعنى أن الخليفة الجديد ضالع من المؤامرة والمذبحة مثلها كان أبوه ضالعا " بها وشارك فيها الذين كتبوا للحسين!
وما يدل ذلك أنه لم تكن هنا لك ضرورة عسكرية للقتال، فيمكن لجيش قوامه عشرون ألف مقاتل، أو أربعة آلاف مقاتل، أن يأسر، وبكل سهولة، رجلا " ومعه اثنان وسبعون شخصا " من أهل بيته وشيعته. لكن الوالي والجيش والخليفة الجديد والقديم ضالعون بالمذبحة، وقد اتخذوا قرارها، وهم ينفذونها فصلا " فصلا ". وبعد حصار طويل وبعد أن أشرف الحسين وأهل بيت النبوة وأطفال