ومع ضغط الدولة، ووسائل إعلامها تكون رأي عام يرى أن الزندقة والكفر أخف جرما " من التشيع لأهل بيت النبوة أو من موالاتهم. وبالفعل، فإن الزنادقة والكفار والمنافقين لم يتعرضوا لعشر معشار ما تعرض له أهل بيت النبوة وشيعتهم. قال المدائني: (ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسين، وولي عبد الملك بن مروان فاشتد على الشيعة وولى عليهم الحجاج بن يوسف الثقفي، فتقرب إليه أهل النسك والصلاح والدين ببغض علي وموالاة أعدائه، وموالاة من يدعي أنهم من أعدائه) (1).
لم تتوقف الدولة الأموية عن التنقيب المستمر لإيجاد شخصيات إسلامية تأخذ الفضل من علي، أو تسبقه في هذا الفضل، وعن إيجاد جماعات إسلامية تقف على قدم المساواة مع أهل بيت النبوة وتسبقهم، فاخترع الأمويون وأشياعهم " (نظرية عدالة الصحابة) بثوبها الفضفاض، ونسبوا للصحابة جميعا " من الفضائل ما لم يخطر على البال لا حبا " بالصحابة، ولكن إرغاما " لأنوف أهل بيت النبوة ومواليهم!
قال ابن عرفة، المعروف بنفطويه، وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم، في تاريخه: (إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية تقربا " إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم) (2).
واستغل العباسيون حالة التعاطف مع قضية أهل بيت النبوة، وشكلا شيعة خاصة بهم، وغلب العباسيون بني أمية فحكموا، وكان المفترض أن تخف الوطأة عن أهل بيت النبوة وشيعتهم بسقوط الحكم الأموي وقيام حكم بني العباس أبناء عمومة الإمام علي، ولكن حكم بني العباس لم يقل وطأه على أهل البيت وشيعتهم من الحكم الأموي. وغلب العثمانيون بني العباس وأقاموا دولتهم الجديدة على أنقاض الدولة العباسية. وبقيت شيعة أهل بيت النبوة هاجس الدولة التاريخية، وبقي الحصار مفروضا " عليها. ومع أن دولة الخلافة التاريخية قد سقطت رسميا "