تغيير دولة البطون لكافة الترتيبات الإلهية المتعلقة بالقيادة، والحل الوحيد لمشاكل الأمة تتمثل في تحصين الأمة ضد الانحراف وإعادة بنائها من جديد فردا " فردا "، وعلى هذا اتفق أئمة أهل بيت النبوة واتسقوا، فانصب جهدهم على نشر علم النبوة النقي في جميع أوساط المسلمين، واتخاذ التدابير التي تؤدي إلى بقاء الفئة المؤمنة التي التزمت بموالاتهم (الشيعة) وتنظيم هذه الفئة تنظيما " يضمن استمرار وجودها، وتثقيفها تثقيفا " معمقا " بثقافة أهل بيت النبوة التي تمثل الثقافة الإسلامية في أنقى صورها وأروعها، بما في ذلك إيجاد النظام التكافلي الاقتصادي الذي يغني أفرادها عن الحاجة إلى دولة البطون.
ومضمون التشيع في نهجه الجديد لا يختلف عن مضمونه في عهد النبوة، فالمطلوب من الشيعي أن يلتزم بمبدأين: أولهما القرآن الكريم وبيان النبي لهذا القرآن، وثانيهما الإيمان بأن قيادة الأمة ومرجعيتها حق خالص لأهل بيت النبوة، وبالتحديد لأئمة أهل بيت النبوة الإثنى عشر الذين سماهم رسول الله، أولهم علي وثانيهم الحسن وثالثهم الحسين، ثم تسعة من ولد الحسين آخرهم المهدي المنتظر محمد بن الحسن، فمن آمن بذلك فهو شيعي، ومن الفرقة الناجية، ومن لم يؤمن بذلك فأمره متروك لله. فالمضمون ثابت لم يتغير والذي تغير هو (التكتيك) والتنظيم، وإعادة الترتيب لمواجهة الواقع السياسي وثمرات النهج التربوي والتعليمي التي أوجدتها دولة البطون، وهذه الفرقة من الشيعة هي الإمامية الاثني عشرية، وهي الفرقة الناجية، إذ لا خلاف بين المسلمين على أن الأئمة الشرعيين من بعد النبي هم اثنا عشر إماما "، وقد أخفقت دولة البطون على الرغم من إمكانياتها الضخمة طوال التاريخ في بيان أولئك الأئمة الاثني عشر ما يجعل إجماع أهل بيت النبوة علي أسمائهم وترتيب أزمانهم الحجة الوحيدة المؤهلة للبقاء. والمنتمون إلى هذه الفرقة يشكلون الأكثرية الساحقة من المؤمنين الموسومين بالتشيع، وقد التزمت هذه الفرقة بالخط العرفاني السلمي، فلم تلجأ للعنف، ولم تشترك عمليا " في الثورات، لأن الأئمة كانوا يعرفون سلفا " نتائج هذه الثورات إنما كان جهدها منصبا " بالدرجة الأولى على معرفة الحقائق الشرعية وتوسيع قاعدتها الشعبية (إعادة بناء الأمة) وتحصين هذه القاعدة من الانحراف، وصار لها مذهب معروف يسمى