مساحة للحوار - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٥٧
عندئذ تيقن الإمام أن الاستمرار في مواجهة معاوية عسكريا " في هذه الظروف انتحار حقيقي سيؤدي حتما " إلى إبادة الفئة المؤمنة إبادة تامة، وخلو الساحة من المؤمنين، وهذا ما يتمناه معاوية وبطون قريش، وبالنتيجة سينتصر معاوية. لذلك، وحرصا " من الإمام علي ما تبقى من الفئة المؤمنة ومن أهل بيت النبوة، قرر أن يتنازل لمعاوية عن الخلافة بشروط، حتى لا يضطر يوما " إلى التنازل عنها من دون شروط، وجرت مفاوضات، وقبل معاوية بشروط الإمام، ووقع على التزامه بها، وتنازل الإمام رسميا "، وصار معاوية بالقوة والقهر خليفة جميع المسلمين. وبعد أن تم له ما أراد، لم يف بعهد الله، ولم يحترم توقيعه على شروط الحسن. وظهر معاوية على حقيقة ملكا " لا مطمع له إلا الملك، وما كانت الشعارات التي رفعها سوى ستار يخفي تحته أطماعه. وبعد أن استهل معاوية عهده الجديد، أخذ الناس يقارنون بين عهده وعهد علي، وسيرته وسيرة علي، وعدله وعدل علي، وعلمه وعلم علي، وأصله وأصل علي، فندموا وتباكوا على الإمام وعلى كل ما كان يرمز له (ولات حين مندم) واضطروا إلى مواجهة عسف الملك الذي أقاموا ملكه بأيديهم وأعمالهم!
الفئة التي تشيعت لله ولرسوله ولأهل بيته بقيت على عهد الله لم تتغير، ولم تهتز قناعاتها بأن القيادة والمرجعية حق خالص لأهل بيت النبوة، ولكنها اضطرت أن تخفي هذه القناعات تماما " كما أخفتها في عهد الخلفاء الثلاثة حرصا " منها على حياتها ومصالحها الهزيلة. وهؤلاء الباقون على عهد الله هم الشيعة.
والفئات التي تباكت من ظلم معاوية وولاته وفقدت عدل الإمام وسيرته، بدأت من الصفر وأخذت تكون لنفسها قناعات مختلطة تتضمن نوعا " من الموالاة لأهل بيت النبوة، ولكنها ليست الموالاة الشرعية إنما هي تعبير عن المعاناة، أولئك ليسوا شيعة.
التشيع، من منظور السلطان، جريمة تفوق جريمة الكفر بعد أن استقام الأمر لمعاوية ولبطون قريش، وأنشبوا أظفارهم في أعناق المسلمين وقلوبهم لم يكتفوا بإلغاء النهج العام للتشيع الذي كان سائدا " زمن النبي،
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 5
2 قصة تأليف الكتاب 7
3 شكوى صديق 7
4 الرغبة في المعرفة 7
5 خطة الحوار 8
6 الحوار في الكتاب 8
7 الباب الأول مفهوم الشيعة والتشيع الفصل الأول: معنى كلمة شيعة 13
8 الفصل الثاني: معنى كلمة شيعة في السياق التاريخي 21
9 الفصل الثالث: تدبير النبي وتدبير الشيع العربية 31
10 الفصل الرابع: شيعة أهل بيت النبوة، تكون وفرق 41
11 الباب الثاني الإمامة بعد وفاة النبي الفصل الأول: التنكر لنصوص الإمامة 73
12 الفصل الثاني: النصوص الشرعية الدالة على خلافة علي وإمامته 91
13 الباب الثالث عقيدة كل من الشيعة والسنة في جمع القرآن الكريم وذات رسول الله والأئمة من بعده، ومصادر التشريع الفصل الأول: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في جمع القرآن الكريم 105
14 الفصل الثاني: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في رسول الله محمد (ص) والأئمة من بعده 115
15 الباب الرابع نظرية عدالة الصحابة الفصل الأول: نظرية عدالة الصحابة عند الخلفاء وشيعتهم 129
16 الفصل الثاني: الصحابة والصحبة في مفهوم أهل بيت النبوة وشيعتهم 167
17 الباب الخامس التقية والمتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة الفصل الأول: التقية 177
18 الفصل الثاني: المتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة 185
19 الباب السادس الاختلافات الفقهية بين شيعة أهل بيت النبوة، وشيعة الخلفاء (أهل السنة) الفصل الأول: الوضع الأمثل وبذور الاختلاف 199
20 الفصل الثاني: محاولة لتقديم الإسلام في جو الخلاف والاختلاف 207
21 الفصل الثالث: نماذج من الخلاف والاختلاف بين المسلمين 219
22 الباب السابع الدعوة إلى وحدة المسلمين الفصل الأول: أسباب الخلاف والاختلاف 235
23 الفصل الثاني: منهاج دولة البطون التربوي والتعليمي 243
24 الفصل الثالث: من هم المراجع بعد الصحابة وسقوط دولة البطون؟ 257