مساحة للحوار - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٥٣
التشيع في عهد الخلفاء الثلاثة:
لما أراد النبي أن يكتب توجيهاته النهائية، وهو على فراش الموت وجد نفسه وجها " لوجه أمام بطون قريش: مهاجرها وطليقها، ومن خلف البطون المنافقون والمرتزقة من الأعراب! وجد نفسه أمام حزب منظم وقوي يقوده صهره عمر بن الخطاب، فما أن قال النبي: قربوا أكتب لكم كتابا " لن تضلوا بعده أبدا "، حتى قال عمر بن الخطاب: إن النبي يهجر، حسبنا كتاب الله! وعلى الفور رددت البطون وحلفاؤها: القول ما قال عمر! إن النبي يهجر! ونجحوا في الحيلولة بين النبي وبين كتابة ما أراد. لقد تيقن النبي والقلة المؤمنة التي اصطفاها لتشهد كتابة توجيهاته النهائية. إنهم أمام الفتنة بعينها، وإن بطون قريش التي هزمها النبي، وهي على الشرك، جاءت لتهزم النبي تحت مظلة الإسلام! وإنها تهدف إلى هدم كافة الترتيبات الإلهية المتعلقة بالإمامة والقيادة والولاية من بعد النبي، وإنها تستعد لغصب حق أهل بيت النبوة الشرعي في القيادة، والاستيلاء عليها بالقوة والتغلب والقهر، وتقديم الدين على طريقة البطون. لقد قدرت البطون ودبرت فأحكمت التدبير، فلو أصر النبي علي كتابة توجيهاته لأصرت البطون وحلفاؤها على هجر النبي; وفي ذلك هدم للدين وإبقائه طريقا " لملك البطون، وقدر النبي أن عهوده ومواثيقه اللفظية وتأكيداته التي تكررت تكفي المؤمنين ليحموا الشرعية الإلهية بسواعدهم، فإن تخاذلوا عن حمايتها فسيذلوا ويحرموا نعمة هذه الشرعية الإلهية، وسيتفرقوا. وإن تفرقوا لن يجتمعوا إلا بالعودة إلى هذه الشرعية بعد أن يمسهم الشيطان بنصب وعذاب. وخرجت البطون من بيت النبي منتصرة، واغتنمت فرصة انشغال أهل بيته بتجهيزه وتكفينه، ونصبت خليفة، وبايعته بطون قريش، وبايعه المنافقون والمرتزقة من الأعراب، وأصحاب المصالح من الأنصار، وعزل أهل بيت النبوة وبنو هاشم والقلة المؤمنة وصاروا أقلة كما كان وضعهم في مكة قبل الهجرة.
وواجه الإمام علي وأهل البيت والفئة المؤمنة واقعا " سياسيا " لا طاقة لهم بمواجهته (1).

(١) راجع كتابينا: نظرية عدالة الصحابة، ص 286 وما بعدها، والمواجهة مع رسول الله وآله، ص 360 فتجد التفصيل ومئات المراجع المعتمدة عند أهل السنة.
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 5
2 قصة تأليف الكتاب 7
3 شكوى صديق 7
4 الرغبة في المعرفة 7
5 خطة الحوار 8
6 الحوار في الكتاب 8
7 الباب الأول مفهوم الشيعة والتشيع الفصل الأول: معنى كلمة شيعة 13
8 الفصل الثاني: معنى كلمة شيعة في السياق التاريخي 21
9 الفصل الثالث: تدبير النبي وتدبير الشيع العربية 31
10 الفصل الرابع: شيعة أهل بيت النبوة، تكون وفرق 41
11 الباب الثاني الإمامة بعد وفاة النبي الفصل الأول: التنكر لنصوص الإمامة 73
12 الفصل الثاني: النصوص الشرعية الدالة على خلافة علي وإمامته 91
13 الباب الثالث عقيدة كل من الشيعة والسنة في جمع القرآن الكريم وذات رسول الله والأئمة من بعده، ومصادر التشريع الفصل الأول: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في جمع القرآن الكريم 105
14 الفصل الثاني: عقيدة أهل بيت النبوة وشيعتهم في رسول الله محمد (ص) والأئمة من بعده 115
15 الباب الرابع نظرية عدالة الصحابة الفصل الأول: نظرية عدالة الصحابة عند الخلفاء وشيعتهم 129
16 الفصل الثاني: الصحابة والصحبة في مفهوم أهل بيت النبوة وشيعتهم 167
17 الباب الخامس التقية والمتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة الفصل الأول: التقية 177
18 الفصل الثاني: المتعة في الإسلام وعند شيعة أهل بيت النبوة 185
19 الباب السادس الاختلافات الفقهية بين شيعة أهل بيت النبوة، وشيعة الخلفاء (أهل السنة) الفصل الأول: الوضع الأمثل وبذور الاختلاف 199
20 الفصل الثاني: محاولة لتقديم الإسلام في جو الخلاف والاختلاف 207
21 الفصل الثالث: نماذج من الخلاف والاختلاف بين المسلمين 219
22 الباب السابع الدعوة إلى وحدة المسلمين الفصل الأول: أسباب الخلاف والاختلاف 235
23 الفصل الثاني: منهاج دولة البطون التربوي والتعليمي 243
24 الفصل الثالث: من هم المراجع بعد الصحابة وسقوط دولة البطون؟ 257