النبي أن الإسلام كله من بعد النبي يتألف من ثقلين: أحدهما كتاب الله وهو بمثابة القانون النافذ للدولة، وثانيهما عترة النبي أهل بيته. وأقسم للحاضرين بأن الهدى لا يمكن أن يدرك إلا بالثقلين معا "، وأن الضلالة لا يمكن تجنبها إطلاقا " إلا بالثقلين معا ". وزيادة في الإيضاح أكد النبي أن عليا " بن أبي طالب وشيعته هم الذين عناهم الله بقوله (أولئك هم خير البرية) [البينة / 6] وأن عليا " وشيعته سيدخلون الجنة غرا " محجلين، وأنه لامكان في الجنة لمن لا يوالون عليا " وأهل بيت النبي! وهكذا قاد الرسول بنفسه الدعوة للتشيع إلى علي وأهل بيت النبوة لأنه أراد أن تكون الأمة المؤمنة حزبا " واحدا " (شيعة) تقف من وراء علي وأهل بيت النبوة طوعا " ومن دون إكراه، وأراد أن يمزج التدين بالتشيع، وأن يربط القرآن بأهل البيت، وأهل البيت بالقرآن وأن يجعل من هذه الوحدة الطريق الفرد للهدى، والواقي المنيع من الضلالة، ومن الطبيعي أن الرسول قد فعل ذلك كله بأمر من ربه.
أثبت الإمام علي بن أبي طالب، خلال مرحلتي الدعوة والدولة، تميزه وأهليته بجميع المراتب التي اختصه الله تعالى بها وأعلنها نبيه للمسلمين، فكان واضحا " للقاصي والداني، للعدو والصديق أن عليا " هو الأقرب للنبي فهو ابن عمه الشقيق، وقد حضنه النبي ورباه في حجره كابنه، وهو زوج ابنته البتول، ووالد سبطيه وابن عمه أبو طالب الذي احتضن النبي صغيرا " ورباه ثم حماه بنفوذه عندما أعلن نبوته، وهو ابن المرأة الفاضلة التي احتضنته وعاملته كأم وأحبته أكثر من أولادها. ثم إنه الأعلم بالدين والأفهم والأتقى، والأشجع والأفضل لقد كان فارس الإسلام، وأوحد زمانه، لذلك كان خليقا " بكل المراتب التي أعلنها النبي، وكفاه فخرا " أن الله تعالى قد اختاره لذلك وأهله وأعده.
ومن هنا كان التشيع للإمام علي بن أبي طالب ولأهل بيت النبوة منهجا " رسميا " للدولة النبوية باعتباره إعدادا " لمرحلة ما بعد النبوة.
فكان التشيع لعلي بن أبي طالب جزءا " لا يتجزأ من الدين، فمن والاه وأطاعه فقد والى النبي وأطاعه، ومن رفض ولايته وعصاه فقد رفض ولاية النبي وعصاه، ومن سبه أو آذاه فقد سب النبي وآذاه. لقد صار الإمام علما " للهدى فلا يحبه